شريط الأخبار

الشرع ضيفا على الأردن والملك

الشرع ضيفا على الأردن والملك
كرمالكم :  

د.حسام العتوم

لقد التقط الأردن – المملكة الأردنية الهاشمية بقيادة جلالة الملك عبد الله الثاني حفظه الله إشارة التغيير السياسي ، و الجيوسياسي ، و الجيوبولوتكي في الجوار الأردني في الشمال داخل اطار الدولة و الأراضي السورية ، بعد اندلاع الثورة السورية بقيادة هيئة تحرير الشام السنية التي تقدمها الثائر من أجل سورية الجديدة أحمد الشرع الجولاني ، و سقوط نظام الرئيس المخلوع بشار الأسد بتاريخ 8 كانون الأول 2024 ، وكامل نظام الأسد منذ عام 1970 و ليس منذ عام 2000 فقط ،و الذي تبين لاحقا بأنها ثورة امتد كفاحها 13 عاما ، و بالنسبة للشرع منذ أن كان عمره 19 عاما ، ولتحقيق هدفه بعيد المدى ارتحل من أفغانستان إلى العراق ، وزج به في سجون ( ابو غريب ، و بوكا ، و كوبر ، و التاجي ) إلى أن أفرج عنه صدفة كما يقول قبل الثورة السورية بيومين ،و ربما كانت هناك أيدي خفية تشبه الولايات المتحدة الأمريكية وراء ذلك .

ووجه جلالة الملك عبد الله الثاني أن يلتقي وزير الخارجية و شؤون المغتربين السيد أيمن الصفدي الرئيس السوري الجديد أحمد الشرع بتاريخ 23 / كانون الأول / 2024 ، الذي أوضح حينها بأنه رئيسا مؤقتا لسوريا لحين إصدار دستور سوري جديد ، و اجراء انتخابات رئاسية سورية جدية خلال الشهورالقليلة المقبلة ، و التحول بالكامل من الثورة إلى الحالة و الحياة المدنية ، و الغاء دستور عام 2012 ،و الشروع بحل الجيش السوري و الأجهزة الأمنية ، و كافة الفصائل الثورية ، و تحرير السجون السورية و في صدارتها سجن " صيدنايا " المرعب في دمشق. وزيارة الشرع للأردن هي الأولى لرئيس سوري منذ عام 2009 ، و مرحب بها . و يرتبط الأردن بسوريا الشقيقة ب 375 كيلومترا ،و يحيوي داخل أراضيه 1،2 مليون لاجيء سوري شقيق ،ومعظمهم ينتظرون تعافي البنية التحتية السورية للعودة طوعا ، و يمتلك ملفا لمياه سد الوحدة وحصة الأردن فيه البالغة 30 مليون متر مكعب لأغراض الزراعة و50 مليون متر مكعب للعاصمة عمان ، وهو معني بضبط حدوده مع سوريا من جهة الشمال و التصدي لتجار المخدرات ، و تكنولوجيا المسيرات ذات العلاقة .

لا علاقة شخصية للشرع بالراديكالية المتطرفة كما يشاع ، و سبق لتنظيمه - هيئة تحرير الشام- أن انفك عن القاعدة و إلى الأبد عام 2017 ،و توجه جذري لنظام سوريا الجديد صوب الحياة المدنية الديمقراطية التي تستوعب كافة الجهات السياسية الموالاة و المعارضة . وهي أي سوريا ماضية لبناء علاقات دافئة متوازنة مع كافة الدول العربية و الإقليمية و الدولية ، و ترفع سوريا – الشرع شعار الداخل السوري أولا ،و لكي يلاحظ المواطن السوري الفرق . و يصرح الشرع بأن بلاده سوريا منهكة من الحروب و تحتاج إلى التنمية و القوة ، و يشير إلى أن سوريا لا تشكل تهديدا لأي دولة في العالم في إشارة لإسرائيل تحديدا . و يؤكد ذات الوقت أنه سيواجه إسرائيل بالضغط الدولي وعبر الأمم المتحدة . ويدعو لإلغاء العقوبات على سوريا التي كانت تستهدف النظام السابق ، و بأنه لا يجوز معاملة الضحية ( الشعب ) و الظالم ( النظام السابق ) بنفس الدرجة .

ما يهمنا أردنيا هو معالجة الملفات الأردنية – السورية العالقة والتي في مقدمتها أمن الحدود ، و المياه ، و اللاجئين ، و تنشيط حجم التبادل التجاري البالغ عام 2024 أكثر من ( 108 ) ملايين دولار ، و الاستفادة من علاقات الأردن الخارجية مع دول العالم مثل الغرب و الولايات المتحدة الأمريكية ، و المحافظة على علاقة مستقرة مع روسيا الاتحادية ، وعلاقة مقبولة ومحدودة مع إيران لا تشبه العلاقة السورية – الإيرانية السابقة التي شكلت تهديدا واضحا لأمن سوريا من قبل إسرائيل التي تصطاد في الماء العكر . و الاستفادة من الخبرات العسكرية و الأمنية الأردنية ، و رفع العلاقات الأردنية – السورية الدبلوماسية إلى رتبة سفير. و علاقة أردنية – سورية – عراقية – لبنانية – فلسطينية ركيزة لتمتين العلاقات مع الدول العربية في الخليج ، و في شمال ووسط أفريقيا .

تؤمن سوريا الجديدة بالقانون الدولي ، و بالسلم المجتمعي ، و إسرائيل مطالبة بمغادرة الأراضي السورية التي اجتاحتها حديثا بعد انتصار الثورة السورية ، و مطالبة أيضا بالبحث عن سلام مع سوريا يعيد لها جولانها – الهضبة العربية السورية ، و سلام شامل سبق لقمة العرب في بيروت عام 2002 أن طرحته ، وعبر تصريح للأمير / الملك الراحل عبدالله بن عبد العزيز مقابل انسحاب إسرائيلي شامل لحدود الرابع من حزيران لعام 1967هو المطلوب الان ، في زمن تنادي الشعوب العربية فيه بكامل فلسطين ومنها التاريخية ، وهو حق مشروع أيضا في ظل صلف التحديات الإسرائيلية الرافضة لحقوق العرب الشرعية . و جبهة عربية تشترك فيها سوريا ضد سياسة تهجير الفلسطينيين عن أرضهم الشرعية ووطنهم الأصيل مطلوب أيضا .

ومؤتمر وطني سوري عقد في قصر الشعب في دمشق حضره رئيس الجمهورية السورية أحمد الشرع و أركان الدولة السورية ، فيما غاب عنه المكون الكردي الذي انتقد انعقاده ، و تأكيد للشرع على وحدة الدولة السورية فوق ترابها الوطني ، و على ضرورة ابقاء السلاح بيد الدولة فقط ، معتبرا بأن سوريا تقف أمام مرحلة تاريخية هامة . و دعا الشرع لتحقيق العدالة الأنتقالية في البلاد ، و حكومة سورية جديدة قريبا تمثل معظم أطياف الشعب السوري .و تبلغ مساحة سوريا أكثر من 187 الف كيلومتر مربع ، وعدد سكانها أكثر من 22 مليون نسمة ، ولديها 183 كيلومترا على ساحل البحر الأبيض المتوسط ، و تمتلك احتياطي بترولي 2،5 مليار برميل ، و احتياطي غاز 700 مليار مترمكعب حب تقرير الطاقة لعام 2019 . و الدولة السورية الحديثة معنية بإسترجاع أموال الشعب السوري التي هربها النظام السوري السابق إلى خارج سوريا بعد سقوطه - و إلى سويسرا ، ومنها تجاه روسيا وبحجم 130 مليار دولار حسب قول للسياسي اللبناني – وئام وهاب – الوسيط السابق بين إسرائيل و ماهر الأسد المتهم بالإتجار بالمخدرات ، و الهارب إلى جانب بشار الأسد و حاشيته إلى موسكو العاصمة .

و العلاقات الأجتماعية بين الأردن و سوريا هامة ووطيدة ، و عادات و تقاليد متقاربة ، وفي عام 2020 فقط سجلت 800 حالة زواج أردني من سوريات ، و الأردنيون يفضلون دمشق و سوق الحميدية للتسوق ، و سوريا عموما للسياحة ، و الأردن محطة سياحية هامة للسوريين ، حيث البحرين الأحمر و الميت ، و المغطس مكان تعمد السيد المسيح ، و حمامات ماعين و أم قيس ، و المناطق و القلاع و القصور و الكنائس الأثرية . و يستفيد الزائر الأردني لسوريا من فرق العملة ، و امكانات التجارة الفردية متوفرة . و المأكولات في الأردن و في سوريا متميزة ، و الفلكلور الشعبي الجميل كذلك .وما كان ممنوعا في سوريا سيصبح مسموحا به خاصة حرية الحركة ، و الزيارات ، و الأجراءات الأمنية الحدودية بين بلدينا الشقيقين.

مواضيع قد تهمك