عبد المنعم عاكف الزعبي
أرباح البنوك لا يجب أن تقاس بقيمتها المعلنة ونموها المعلن فقط.
فهذه الأرباح لا توزع كليا بشكل نقدي على المساهمين. إنما يوزع جزء بسيط منها ويرسمل الجزء المتبقي. وهذا يعني أن المساهمين ينظرون بالنهاية إلى سعر السهم في السوق كمحصلة نهائية لاستثمارهم في بنك معين.
النظر إلى تحركات أسعار أسهم البنوك الأردنية ومقارنتها بالأرباح المتحققة للعام 2024 يظهر حساسية منخفضة تجاه نمو وتراجع الأرباح.
فمثلا نجد سهم البنك الأردني الكويتي ينمو ب 14% فقط رغم نمو أرباح البنك ب 104 مليون دينار أو نسبة نمو 115% مقارنة بالعام 2023.
بالمقابل، نجد سهم بنك القاهرة عمان، على سبيل المثال، ينخفض فقط ب 24% رغم تراجع أرباحه خلال العام 2024 ب 20 مليون دينار أو حوالي 60% مقارنة بالعام 2023.
الحساسية المنخفضة التي تظهرها أسعار أسهم البنوك لأرباحها السنوية يمكن تفسيره على عدة أوجه.
من الممكن ابتداء التشكيك بكفاءة تسعير الأسهم ضمن بورصة عمان نتيجة أحجام التداول الضعيفة ومحدودية عدد الأسهم المتاحة للتداول الفعلي.
كما يمكن تفسير ذلك بأن المعيار الأهم لتسعير البنوك يتمثل بقيمتها الدفترية (رأسمالها وصافي حقوق مساهميها) وليس أرباحها. وذلك يرتبط بالأهمية الاستثنائية لرأسمال البنوك في الرقابة عليها ومستوى الرفع المالي والمخاطر الممكن تحملها. وأيضا الطبيعة النقدية المباشرة لأصول البنوك وموجوداتها.
مع أهمية التفسيرات السابقة، يوجد هناك نظريات أخرى يمكن تقبلها.
أحدها أن البنوك الأكثر ربحا حققت أرباحها من مصادر خارجية غير مستدامة على شكل عمولات قد لا تستمر بالتحقق مستقبلا. وأن البنوك الأقل ربحا تواجه ظروفا استثنائية غير متكررة نتيجة الأوضاع المعقدة في السوق الفلسطينية، وبالتالي ستعاود أرباحها الارتفاع من 2025 فصاعدا.
أيضا قد يكون هناك دور لمستويات المخاطرة في رسم العلاقة بين الربحية وسعر السهم. وهنا نقول بأن البنوك الأكثر ربحا هذا العام هي الأكثر تركيزا على قطاع الشركات الأعلى مخاطرة، وهو ما يحد من جاذبية واستدامة الأرباح المتحققة.
بالمقابل، نلاحظ بأن معظم التراجع في الأرباح شهدته البنوك المتركزة في قطاع الأفراد الأقل مخاطرة. وفي هذه البنوك تكون توقعات الربحية أقل، مما يحافظ على سعر السهم متماسكا أمام تراجع الأرباح، خصوصا عندما يكون ذلك نتيجة ظروف مؤقتة.
بالمحصلة، ارتفعت أرباح البنوك للعام 2024 بحوالي 261 مليون دينار أو 21% مقارنة بالعام الماضي.
صحيح أن هذه الأرباح متأتية من الفروع الخارجية للبنوك، ولكنها تبقى تصب في صالح الإيرادات الضريبية، وصالح الملاءة المالية لقطاعنا المصرفي - فوق مستوياتها المرتفعة أصلا.