شريط الأخبار

ترمب وبوتين اتفقا والخاسر أوكرانيا!

ترمب وبوتين اتفقا والخاسر أوكرانيا!
كرمالكم :  

يوسف غيشان

نجح الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في كسب ود نظيره الأمريكي ترمب عبر مكالمة هاتفية تاريخية جرت بينهما أمس، بالموافقة على اقتراح الأخير بإعلان هدنة بين روسيا وأوكرانيا لمدة ثلاثين يوما تبدأ خلالها مباحثات سلام، الأمر الذي فتح آفاقا واسعة لإطلاق مفاوضات فورية لوقف الحرب وإعادة العلاقات الأمريكية الروسية.

الرئيس ترمب كان هاجسه أن لا يضع سماعة الهاتف إلا بعد أن يسمع موافقة بوتين على مقترحه بوقف النار لمدة ثلاثين يوما وهو ما أعطاه إياه نظيره الروسي، لكن باتجاه آخر لا يعني وقفا شاملا لإطلاق النار بل اتفاقا محدودا يشمل وقف استهداف قطاع الطاقة والبنية التحتية، مع استمرار الحرب.

المهم أن الرئيسين خرجا بانطباع أن كلا منهما حقق مكسبا، وكلا منهما أرضى الآخر. واشنطن وموسكو اعتبرتا أن المكالمة الهاتفية سارت بشكل جيد جدا وعبر الرئيسان عن تفاؤلهما بالمحادثات المثمرة. لندن وبرلين رحبتا بالاتفاق.

بقي الآن أن يعود الطرفان الروسي والأوكراني الى التفاهم بوساطة أمريكية على تحديد ما يعنيه مصطلح (قطاع الطاقة والبنية التحتية) ورسم خارطة لتك المناطق التي يمنع على الروس استهدافها بأي شكل. والروس ينتظرون الحصول على إعلان أمريكي وأوروبي بوقف المساعدات العسكرية لأوكرانيا أثناء فترة وقف النار، وهو أمر ليس سهلا.

العلاقات الأمريكية الأوكرانية باتت أكثر تعقيدا. والرئيس الأوكراني زيلينسكي بالتأكيد لم تعجبه مخرجات المكالمة الهاتفية، وشكك بالموقف الروسي ووصفه بالمعارض للمقترح الأمريكي بوقف شامل لإطلاق النار يشمل الأرض والبر والبحر، لان هدفه الأول وقف التقدم الروسي في ارض المعركة وليس وقف استهداف قطاع الطاقة.

حقق الرئيس ترمب مكسبا مهما بوعد روسيا له بفوائد اقتصادية عظيمة تفتح باب الاستثمار الأمريكي في الأراضي الروسية الجديدة (لوغانسك ودنيتسك) الغنية بالمعادن الثمينة التي تبحث عنها واشنطن، وهذا الأمر خطط له بوتين بدهاء من اجل تثبيت الموقف الأمريكي بالاعتراف بشرعية ضم روسيا لتلك المناطق وضمان استمرار الضغط الأمريكي على زيلينسكي.

يعرف الرئيس بوتين إن تخلي أوكرانيا عن مناطقها الأربع ليس قرارا سهلا، لكنها سطوة المنتصر التي ستفرض وقائع على الأرض. والجيش الروسي قادر على رسم الخرائط الجديدة وسيسرع من ذلك توقف الدعم الأمريكي بالتحديد.

أوكرانيا خيارتها قليلة والوقت لا يلعب لصالحها ولا مجال أمامها سوى استمرار القتال حتى بوجود وقف إطلاق النار النصفي، لكنها بالتأكيد ستلعب في ورقة الدعم الأوروبي الذي لا يبدو انه سيمتثل بسهولة للإدارة الأمريكية بوقف المساعدات العسكرية لأوكرانيا.

ومن جانبهم، سيضغط الروس ميدانيا على كييف للقبول بشروطهم عبر توسيع احتلالهم لأراض أوكرانية جديدة في مقاطعتي خاركوف وسومي، وهنا ستبدأ المساومات والتفاهمات والتي قد تشمل حصول أوكرانيا على حق التزود بالطاقة من محطات نووية أصبحت في عهدة الروس مثل محطة زابروجيا النووية وهي اكبر محطة في أوروبا.

إذا لم تنجح الجهود الأمريكية في إنهاء الحرب وفرض سلام دائم بين روسيا وأوكرانيا، فان الحرب ستحط أوزارها وتقف مدافعها بعد وصول الجيش الروسي الى كامل المقاطعات الأربع التي يطالب بها الروس (لوغانسك ودانيتسك وزاباروجيا وخيرسون).

وهذا يعني أن أوكرانيا ستوقف إطلاق النار من جانبها ولن تعترف بضم روسيا لهذه المقاطعات بالإضافة الى شبه جزيرة القرم، لكن لا مجال الان لاستردادها بالوسائل الحربية وستبقى حالة العداء موجودة بين البلدين وقد تستمر لعقود طويلة ويمكن تشبيهها بما آلت إليه الأمور في الحرب الكورية 1951.

هذا الحل مرهق للروس والاوكران على حد السواء. فالروس سيعانون من عدم اعتراف دولي بالمناطق التي ضموها، وبالتالي فان العقوبات ستستمر على كل منتجاتهم الزراعية والتعدينية من هذه المناطق. والاوكران أيضا سيكونون في حالة حرب مرهقة مع روسيا بما سيستنزفه من أموال وجهود وتعبئة عامة. وهو أمر يجب أن يفكر فيه الطرفان للوصول الى حلول مرضية.

مواضيع قد تهمك