خالد دلال
إن صحة الأنباء أن الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، بات يستشيط غضبا من رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، جراء تلاعب الأخير بالأول مؤخرا من خلال التأثير في دائرة ترامب المقربة بخصوص الملف الإيراني، لجهة إحباط الجهود الدبلوماسية للتوصل إلى اتفاق، وجر واشنطن إلى مواجهة عسكرية مع إيران، فإننا أمام فرصة لكسب ود ترامب للتأثير في مآلات الحرب الإسرائيلية الهمجية على غزة، والوصول إلى تحول جوهري في الموقف الأميركي يفرض السلام بالقوة، ووقتها لن يستطيع نتنياهو الوقوف في وجه سيد البيت الأبيض، الذي سيسعى إلى الإطاحة به، عبر التحالف مع معارضيه، وقد يلجأ لتأجيج الشارع الإسرائيلي ضده في سبيل ذلك.
ترامب شخصية لا تقبل التعامل بوجهين، وهو صاحب مواقف براغماتية حاسمة صادمة، لا تراعي الأعراف الدبلوماسية أمام كاميرات الإعلام، في فضح خصومه، ومن يتلاعب به. أما نتنياهو فهو شخصية سياسية خبيثة لا عهد لها، خصوصا عندما يتعلق الأمر بحاضره السياسي المأزوم، ومستقبله المترنح بين ثنايا قضايا الفساد المنظورة في المحاكم الإسرائيلية.
حدة تدهور العلاقة بين الرجلين وصلت، نقلا عن إذاعة الجيش الإسرائيلي، "إلى أن مقربين من الرئيس الأميركي أبلغوا وزير الشؤون الإستراتيجية الإسرائيلي، رون ديرمر، أن ترامب قرر قطع الاتصال مع رئيس الوزراء نتنياهو".
وإن صح الأمر، فيمكن القول أن العلاقة لن تعود كما كانت في السابق بين شخصية نرجسية لا تقبل التلاعب بها، وهو ترامب، وبين شخصية ترضخ بسهولة لأركان اليمين المتطرف في حكومته، وتحديدا وزير المالية بتسلئيل سموتريتش، ووزير الأمن القومي إيتمار بن غفير، خوفا من إسقاطهما للحكومة، حتى أن الأمر وصل إلى تحذير السفير الإسرائيلي السابق لدى واشنطن، داني أيالون، من أن "على نتنياهو ان يختار بنهاية المطاف بين ترامب وبن غفير".
مصادر الأنباء الإسرائيلية عن تأزم العلاقة عديدة، ومنها ما نقلته صحيفة يديعوت أحرونوت العبرية مؤخرا، من "أن الرئيس الأميركي سئم من رئيس الوزراء الإسرائيلي، لرفض الأخير التصرف وفق توجيهات واشنطن في مسار الحرب في قطاع غزة". كما يتضح مسار تخبط العلاقة في إعلان واشنطن اتفاق لوقف إطلاق النار مع الحوثيين لا يشمل إسرائيل، والتي لم تكن على دراية مسبقة به.
على العرب استثمار الفرصة قبل فوات الأوان، خصوصا مع زيارة ترامب القريبة إلى الخليج العربي، ولعل اجتماع قمة عربية - ترامبية، ولو على عجل، مع صدور إعلان عربي - أميركي مشترك قد ينجح في تحويل الموقف الأميركي إلى قرار ملزم لإسرائيل لوقف حربها في غزة، خصوصا أن الشارع الإسرائيلي ومن خلفها المعارضة الإسرائيلية، بقيادة يائير لبيد، قد تتقبل ذلك، وصولا إلى إنهاء ملف الرهائن، وهذا بيت القصيد بالنسبة لهم.
قد تسعى إدارة ترامب إلى الوصول إلى وقف إطلاق نار في غزة، ولو مؤقت، قبل زيارته القادمة إلى المنطقة، وهو ما أشارت إليه صحيفة هآرتس الإسرائيلية، وإن نجحت في ذلك، فالأجواء ملائمة لتحرك عربي جماعي لوقف الحرب الدموية في غزة بضمانات واشنطن. فهل نستغل اللحظة، خصوصا وأن ترامب يحلم بأن يتوج بطلا لنوبل في السلام، حتى وإن كان الثمن طلاق سياسي مع نتنياهو وأكثر؟.
"الغد"