ماهر أبو طير
كنا نسمع سابقا شعار "الأرض مقابل السلام" في سياق الكلام عن اتفاقيات التطبيع والواقع أن هذا الشعار واجب التغيير إلى "التطبيع مقابل النجاة".
القصة لم تعد قصة أرض مغتصبة لدى البعض وليس أدل على ذلك مما يقوله وزير الخارجية الإسرائيلية الذي يشترط لتوقيع معاهدة سلام مع السوريين أن يتم الاحتفاظ بهضبة الجولان كاملة فيما يريد السوريون الانسحاب من كل الأرض التي احتلها إسرائيل عام 1967، والأرض التي تم احتلالها بعد سقوط بشار الأسد.
وسائل الإعلام الإسرائيلية منشغلة بتسريب معلومات منسوبة إلى مصادر سورية وإسرائيلية غير مسماه تقول إن توقيع اتفاقية تطبيع بين سورية وإسرائيل أمر سيحدث قبل نهاية العام، وان واشنطن قد تشهد جمع الرئيس السوري برئيس الحكومة الإسرائيلية، وفوق هذا تسريب معلومات حول قنوات تواصل سورية إسرائيلية مباشرة، أو غير مباشرة، لا فرق، لان التواصل قائم في الحالتين.
سابقا كان يتم الحديث عن منافع السلام بين الدول التي تطبع مع اسرائيل، واليوم بعد التغيرات في معسكرات المنطقة، واختلال موازين القوى، يتم الحديث عن "السلام مقابل النجاة" من التسلط الإسرائيلي فقط، وهذه هي ثمرة التطبيع بالمفهوم الإسرائيلي، وإذا كانت دمشق الرسمية ستذهب إلى تطبيع مع إسرائيل، فإنها ستبرر ذلك بحاجتها إلى قبول دولي واستثمارات وقروض، من اجل الحياة.
بماذا سيختلف النظام الحالي عن سابقه في هذه الحالة، فالنظام السابق كان متهما بكونه سلم الجولان لإسرائيل ولم يطلق رصاصة واحدة ضد إسرائيل، على الرغم من كونه جزءا من معسكر توازن في المنطق مرتبط بطهران وموسكو، وهو أيضا دفع ثمن استدراجه إلى مذابح الداخل السوري، ولم يدر أزمة الفوضى السوري وتدفق التنظيمات بطريقة عاقلة، بل تم استدراجه ومؤسساته إلى حرب أهلية حرقت الأخضر واليابس، على يد قوى خارجية معلومة أدارت المشهد عبر أدوات محلية لتدمير سورية البلد والشعب والمقدرات كرمى لعيون إسرائيل نهاية المطاف، وهي المستفيدة الأولى من تدمير سورية قلب الهلال الخصيب.
في كل الأحوال لا يمكن محاكمة النظام السابق، وعدم الاعتراض في الوقت ذاته على النظام الحالي وهو يذهب إلى التطبيع، حتى لو راينا رجالاته يصلون في المسجد الأموي، واغلبهم من خلفيات النصرة والقاعدة، ويتبنون شعارات دينية، فالمهم هو النهايات، وليس الشعارات التي شبعنا منها في هذا المشرق.
من اللافت للانتباه في العالم العربي أن النخب وعامة الناس يتعامون عن كل الإشارات حول العلاقة المحتملة بين سورية وإسرائيل، ويستندون في ذلك إلى كراهية مشروعة للنظام السابق، لكن هذه الكراهية ليست رخصة للنظام الجديد، تسمح له بالاقتراب من إسرائيل فيما يسكت الكل، ولا يقولون كلمة في وجه مخططات ابتلاع سورية.
تبرير ذلك بفقه الواقع، وعدم قدرة النظام الجديد على الوقوف في وجه إسرائيل والولايات المتحدة، تبرير متخاذل رفضه الجمهور العربي حين تحدثت به أنظمة ثانية، وهذا يعني أن العملية تعبر أحيانا عن انتقائية مكشوفة، وليس عن وطنية.
الخلاصة هنا تقول إن مفتاح الحل في سورية هو ترتيب أوراق الداخل وليس الارتماء في أحضان الإسرائيليين بحثا عن النجاة، مع الإدراك هنا أن سورية المتشظية اليوم بحاجة إلى عمل كثير بعد الخراب الذي تسبب به النظام السابق، ومن أدار الحرب ضده أيضا، في سياقات إعادة صياغة وجه بلاد الشام والمنطقة.
"الغد"
ماهر أبو طير
كنا نسمع سابقا شعار "الأرض مقابل السلام" في سياق الكلام عن اتفاقيات التطبيع والواقع أن هذا الشعار واجب التغيير إلى "التطبيع مقابل النجاة".
القصة لم تعد قصة أرض مغتصبة لدى البعض وليس أدل على ذلك مما يقوله وزير الخارجية الإسرائيلية الذي يشترط لتوقيع معاهدة سلام مع السوريين أن يتم الاحتفاظ بهضبة الجولان كاملة فيما يريد السوريون الانسحاب من كل الأرض التي احتلها إسرائيل عام 1967، والأرض التي تم احتلالها بعد سقوط بشار الأسد.
وسائل الإعلام الإسرائيلية منشغلة بتسريب معلومات منسوبة إلى مصادر سورية وإسرائيلية غير مسماه تقول إن توقيع اتفاقية تطبيع بين سورية وإسرائيل أمر سيحدث قبل نهاية العام، وان واشنطن قد تشهد جمع الرئيس السوري برئيس الحكومة الإسرائيلية، وفوق هذا تسريب معلومات حول قنوات تواصل سورية إسرائيلية مباشرة، أو غير مباشرة، لا فرق، لان التواصل قائم في الحالتين.
سابقا كان يتم الحديث عن منافع السلام بين الدول التي تطبع مع اسرائيل، واليوم بعد التغيرات في معسكرات المنطقة، واختلال موازين القوى، يتم الحديث عن "السلام مقابل النجاة" من التسلط الإسرائيلي فقط، وهذه هي ثمرة التطبيع بالمفهوم الإسرائيلي، وإذا كانت دمشق الرسمية ستذهب إلى تطبيع مع إسرائيل، فإنها ستبرر ذلك بحاجتها إلى قبول دولي واستثمارات وقروض، من اجل الحياة.
بماذا سيختلف النظام الحالي عن سابقه في هذه الحالة، فالنظام السابق كان متهما بكونه سلم الجولان لإسرائيل ولم يطلق رصاصة واحدة ضد إسرائيل، على الرغم من كونه جزءا من معسكر توازن في المنطق مرتبط بطهران وموسكو، وهو أيضا دفع ثمن استدراجه إلى مذابح الداخل السوري، ولم يدر أزمة الفوضى السوري وتدفق التنظيمات بطريقة عاقلة، بل تم استدراجه ومؤسساته إلى حرب أهلية حرقت الأخضر واليابس، على يد قوى خارجية معلومة أدارت المشهد عبر أدوات محلية لتدمير سورية البلد والشعب والمقدرات كرمى لعيون إسرائيل نهاية المطاف، وهي المستفيدة الأولى من تدمير سورية قلب الهلال الخصيب.
في كل الأحوال لا يمكن محاكمة النظام السابق، وعدم الاعتراض في الوقت ذاته على النظام الحالي وهو يذهب إلى التطبيع، حتى لو راينا رجالاته يصلون في المسجد الأموي، واغلبهم من خلفيات النصرة والقاعدة، ويتبنون شعارات دينية، فالمهم هو النهايات، وليس الشعارات التي شبعنا منها في هذا المشرق.
من اللافت للانتباه في العالم العربي أن النخب وعامة الناس يتعامون عن كل الإشارات حول العلاقة المحتملة بين سورية وإسرائيل، ويستندون في ذلك إلى كراهية مشروعة للنظام السابق، لكن هذه الكراهية ليست رخصة للنظام الجديد، تسمح له بالاقتراب من إسرائيل فيما يسكت الكل، ولا يقولون كلمة في وجه مخططات ابتلاع سورية.
تبرير ذلك بفقه الواقع، وعدم قدرة النظام الجديد على الوقوف في وجه إسرائيل والولايات المتحدة، تبرير متخاذل رفضه الجمهور العربي حين تحدثت به أنظمة ثانية، وهذا يعني أن العملية تعبر أحيانا عن انتقائية مكشوفة، وليس عن وطنية.
الخلاصة هنا تقول إن مفتاح الحل في سورية هو ترتيب أوراق الداخل وليس الارتماء في أحضان الإسرائيليين بحثا عن النجاة، مع الإدراك هنا أن سورية المتشظية اليوم بحاجة إلى عمل كثير بعد الخراب الذي تسبب به النظام السابق، ومن أدار الحرب ضده أيضا، في سياقات إعادة صياغة وجه بلاد الشام والمنطقة.
"الغد"