الأب عماد الطوال
في كل مرحلة من مراحل الحياة يبحث الإنسان عن قدوة يتعلّق بها ويتعلّم منها ويحاول أن يسير على خطاها، قد تكون هذه القدوة معلمًا أو أبًا أو شخصية ملهمة، كنا نحفظ كلماتهم ونتأمل في مواقفهم وأحيانًا كنا نتعلم من صمتهم أكثر مما نتعلم من أحاديثهم لكن اليوم تغير المشهد.
أصبح كثير من أطفالنا وشبابنا لا يعرفون أسماء العلماء أو الأدباء لكنهم يحفظون عن ظهر قلب أسماء المؤثرين على مواقع التواصل ويقلّدونهم في اللباس والكلام وربما حتى في الأفكار والمواقف، صار النجاح يُقاس بعدد المتابعين لا بعمق التأثير وصار الترند أهم من المبادئ، فمن المسؤول عن هذا التغيير؟
وقد لا نحتاج للبحث طويلًا عن أمثلة على القدوة في زمننا الحالي، فقبل أيام شاهدنا كيف بكت طفلة صغيرة في إحدى الحفلات الغنائية وهي تردد كلمات الأغنية ودموعها تنهمر، مشهد مؤثر بلا شك لكنه يفتح باب التساؤل كيف يصل صوت مغنٍّ إلى قلب طفلة بهذا العمر قبل أن يصل صوت المربي أو المعلم أو الوالد؟ هذا ليس انتقاصًا من قيمة الفن لكنه تذكير بأن أبناءنا اليوم يعيشون في عالم يتسابق فيه المؤثرون والفنانون إلى احتلال مساحة المشاعر والعقول بينما التربية الحقيقية أحيانًا تتأخر عن الوصول، هنا تكمن مسؤوليتنا نحن أن نكون أقرب من المؤثرين إلى قلوب أبنائنا حتى لا تصبح القدوة الحصرية في حياتهم شاشة أو أغنية بل إنسانًا حيًا يعيش بينهم ويعلّمهم بالحب والمثال الحسن.
يُقال "القدوة الصالحة هي أبلغ مربي" نحن نعيش في عالم سريع مزدحم بالصوت والصورة يركض وراء كل ما هو لامع وسريع الظهور، الطفل أو المراهق أمامه شاشة تنبض بكل ما يخطف الانتباه بينما القدوة الحقيقية إن وجدت قد لا تملك الصوت الكافي لتصل، لكن هناك مسؤولية علينا نحن أيضًا فحين ينشغل الأب عن ابنه بالهاتف أو العمل طوال الوقت فكيف سيكون قدوته؟ حين يكون المعلم منشغلاً بالمناهج والتقارير أكثر من الحوار والتأثير فكيف سيُلهم طلابه؟ حين تتحدث مؤسساتنا عن القيم ولكن لا تعيشها فعليًا فكيف ننتظر من أبنائنا أن يصدقوها؟
وما النتيجة؟ جيل مشتّت يعيش بين صورتين، صورة مثالية تُقال له في البيت أو المدرسة وصورة واقعية صاخبة يراها في هاتفه كل يوم، جيل يبحث عن الإعجاب السريع ويظن أن الشهرة هي الطريق إلى النجاح حتى لو كانت بلا معنى.
هل فقدنا الأمل؟ أبدًا فالمشكلة ليست في وجود المؤثرين بل في غياب البديل الحقيقي، نحن لا نطلب من أولادنا أن يُديروا ظهورهم للواقع لكن نريدهم أن يكونوا قادرين على التمييز بين من يؤثر فيهم لأجل الشهرة ومن يؤثر فيهم حبًا وخيرًا.
ما الحل؟ أن نكون نحن قدوة حقيقية لأبنائنا في البيت وفي الصف وفي كل موقف وأن نستعيد احترامنا للمعلم وللكلمة وللسلوك الصادق، أن نحدث أبناءنا عن أصحاب القيم لا بطريقة الوعظ بل بقصص حقيقية ومواقف حية وأن نرافق أبناءنا في عالمهم الرقمي لا لنراقبهم بل لنفهمهم ونوجّههم من الداخل، قد لا يختار الطفل قدوته بعقله لكنه يعيشها بقلبه، فلتكن قلوبنا حاضرة قبل أن نطلب منهم شيئًا.
الأب عماد الطوال
في كل مرحلة من مراحل الحياة يبحث الإنسان عن قدوة يتعلّق بها ويتعلّم منها ويحاول أن يسير على خطاها، قد تكون هذه القدوة معلمًا أو أبًا أو شخصية ملهمة، كنا نحفظ كلماتهم ونتأمل في مواقفهم وأحيانًا كنا نتعلم من صمتهم أكثر مما نتعلم من أحاديثهم لكن اليوم تغير المشهد.
أصبح كثير من أطفالنا وشبابنا لا يعرفون أسماء العلماء أو الأدباء لكنهم يحفظون عن ظهر قلب أسماء المؤثرين على مواقع التواصل ويقلّدونهم في اللباس والكلام وربما حتى في الأفكار والمواقف، صار النجاح يُقاس بعدد المتابعين لا بعمق التأثير وصار الترند أهم من المبادئ، فمن المسؤول عن هذا التغيير؟
وقد لا نحتاج للبحث طويلًا عن أمثلة على القدوة في زمننا الحالي، فقبل أيام شاهدنا كيف بكت طفلة صغيرة في إحدى الحفلات الغنائية وهي تردد كلمات الأغنية ودموعها تنهمر، مشهد مؤثر بلا شك لكنه يفتح باب التساؤل كيف يصل صوت مغنٍّ إلى قلب طفلة بهذا العمر قبل أن يصل صوت المربي أو المعلم أو الوالد؟ هذا ليس انتقاصًا من قيمة الفن لكنه تذكير بأن أبناءنا اليوم يعيشون في عالم يتسابق فيه المؤثرون والفنانون إلى احتلال مساحة المشاعر والعقول بينما التربية الحقيقية أحيانًا تتأخر عن الوصول، هنا تكمن مسؤوليتنا نحن أن نكون أقرب من المؤثرين إلى قلوب أبنائنا حتى لا تصبح القدوة الحصرية في حياتهم شاشة أو أغنية بل إنسانًا حيًا يعيش بينهم ويعلّمهم بالحب والمثال الحسن.
يُقال "القدوة الصالحة هي أبلغ مربي" نحن نعيش في عالم سريع مزدحم بالصوت والصورة يركض وراء كل ما هو لامع وسريع الظهور، الطفل أو المراهق أمامه شاشة تنبض بكل ما يخطف الانتباه بينما القدوة الحقيقية إن وجدت قد لا تملك الصوت الكافي لتصل، لكن هناك مسؤولية علينا نحن أيضًا فحين ينشغل الأب عن ابنه بالهاتف أو العمل طوال الوقت فكيف سيكون قدوته؟ حين يكون المعلم منشغلاً بالمناهج والتقارير أكثر من الحوار والتأثير فكيف سيُلهم طلابه؟ حين تتحدث مؤسساتنا عن القيم ولكن لا تعيشها فعليًا فكيف ننتظر من أبنائنا أن يصدقوها؟
وما النتيجة؟ جيل مشتّت يعيش بين صورتين، صورة مثالية تُقال له في البيت أو المدرسة وصورة واقعية صاخبة يراها في هاتفه كل يوم، جيل يبحث عن الإعجاب السريع ويظن أن الشهرة هي الطريق إلى النجاح حتى لو كانت بلا معنى.
هل فقدنا الأمل؟ أبدًا فالمشكلة ليست في وجود المؤثرين بل في غياب البديل الحقيقي، نحن لا نطلب من أولادنا أن يُديروا ظهورهم للواقع لكن نريدهم أن يكونوا قادرين على التمييز بين من يؤثر فيهم لأجل الشهرة ومن يؤثر فيهم حبًا وخيرًا.
ما الحل؟ أن نكون نحن قدوة حقيقية لأبنائنا في البيت وفي الصف وفي كل موقف وأن نستعيد احترامنا للمعلم وللكلمة وللسلوك الصادق، أن نحدث أبناءنا عن أصحاب القيم لا بطريقة الوعظ بل بقصص حقيقية ومواقف حية وأن نرافق أبناءنا في عالمهم الرقمي لا لنراقبهم بل لنفهمهم ونوجّههم من الداخل، قد لا يختار الطفل قدوته بعقله لكنه يعيشها بقلبه، فلتكن قلوبنا حاضرة قبل أن نطلب منهم شيئًا.