طلال أبوغزاله
الاقتصاد الألماني في منتصف 2025 يمر
بمرحلة تباطؤ واضحة بفعل النزاع التجاري المتصاعد مع الولايات المتحدة وما رافقه
من رسوم جمركية أرهقت الصادرات الألمانية، التي تُعد العمود الفقري لأكبر اقتصاد
في أوروبا.
فوفقًا لتقارير حديثة، انكمش الاقتصاد
بنسبة 0.3 في المئة خلال الربع الثاني من هذا العام، وهو تراجع فاق التوقعات وأظهر
عمق الأزمة التي تضرب الصناعة والاستثمار معًا.
الرسوم الجمركية التي فرضها الرئيس
الأميركي دونالد ترامب مرشحة لأن تكلف ألمانيا ما يصل إلى 290 مليار يورو، بحلول 2028
بحسب تقديرات المعهد الألماني للاقتصاد.
وهذه الأعباء لا تطال الشركات الصناعية
العملاقة وحدها، بل تمتد لتضغط على آلاف الشركات الصغيرة والحرفية، ما يهدد شرائح
واسعة من الاقتصاد المحلي.
تراجع ثقة المستثمرين في أغسطس عكس حجم
القلق داخل الأوساط الاقتصادية، خاصة بعد فشل الاتفاق التجاري بين واشنطن والاتحاد
الأوروبي في تبديد المخاوف.
قطاع السيارات، أيقونة الاقتصاد
الألماني، يعيش بدوره عامًا صعبًا؛ شركات السيارات تواجه انكماشًا في الطلب
وتراجعًا في التوظيف، وسط توقعات قاتمة تشير إلى أن عدد العاملين في القطاع قد
ينخفض بحلول 2035 بما يصل إلى 186 ألف وظيفة مقارنة بعام 2019.
الصورة في سوق العمل عمومًا لا تبدو
أفضل، إذ كشف استطلاع أن ثلث الشركات تقريبًا تتوقع شطب وظائف خلال العام الجاري،
ورغم هذا المشهد القاتم، هناك بؤر إيجابية تعطي الألمان بعض الأمل. قطاع الطاقة
الشمسية بدأ عام 2025 بنمو قوي، لتظل ألمانيا السوق الأكبر في أوروبا وتُهيئ نفسها
لمضاعفة قدراتها خلال السنوات المقبلة.
كذلك، شهدت مبيعات السيارات الكهربائية قفزة لافتة في يوليو بزيادة 58 في المئة عن العام الماضي، بحيث أصبحت سيارة من كل خمس سيارات جديدة مرخصة تعمل بالكهرباء، ما يعكس تحولات هيكلية في الاقتصاد باتجاه التكنولوجيا الخضراء.
النظرة إلى عام 2026 أكثر تفاؤلًا
فمعهد "إيفو" للأبحاث الاقتصادية يتوقع نموًا نسبته 1.5 في المئة إذا ما
هدأت التوترات التجارية وتراجعت السياسات الحمائية التي تكبح الصادرات.
الحكومة الألمانية من جانبها أقرت
موازنة للعام الجاري تتضمن استثمارات قياسية في البنية التحتية والمناخ، وهو ما قد
يشكل قاعدة لدفع النمو مستقبلًا.
يبقى أن قدرة ألمانيا على تجاوز هذه المرحلة الصعبة ستعتمد على مرونتها في التكيف مع بيئة اقتصادية عالمية متقلبة، وعلى قدرتها في الوقت ذاته على تعزيز مكانتها في قطاعات الابتكار والتكنولوجيا الخضراء التي قد تتحول إلى محرك النمو الجديد للاقتصاد الألماني.