السفير محمد الكايد
في خطوة غير مسبوقة، مثلت الضربة العسكرية الاسرائيلية لقطر تحولا أساسياً في مجرى النزاع الفلسطيني الاسرائيلي ينذر بتطورات اكثر تعقيدا خلال الفترة القادمة من خلال توقف مسارات السلام في المنطقة وفتح الأبواب امام تصعيد إقليمي محتمل.
من الواضح ان لاسرائيل اعتبارات مهمة عديدة ارادت تحقيقها من الضربة تتعدى في أهميتها العلاقة القطرية الاسرائيلية ، او الردود الغاضبة للدول العربية والدولية ، إضافة إلى المجازفة بحياة الرهائن المحتجزين لدى حماس.
لقد بررت اسرائيل ضربتها بمحاولة القضاء على زعماء حماس في الخارج ووفدها المفاوض وذلك استكمالا للسياسة الاسرائيلية بالقضاء على زعماء حماس أينما وجدوا مع علم اسرائيل الأكيد بان سياسة الاغتيالات قد اثبت فشلها في القضاء على الحركة منذ اغتيال مؤسس الحركة الشيخ احمد ياسين. وتعلم اسرائيل علم اليقين بان قتل زعماء حماس لن يؤدي إلى تفكيك الحركة او هزيمتها بل اثبتت حماس ان تسلسل القيادة وانتقالها بين كوادرها امر مرتب ومتفق عليه بين معظم الاعضاء. ومن هنا فإن ما تذرعت به اسرائيل في تبرير اعتداءها على قطر لا يتعدى تغطية إعلامية وتبرير غير مقنع اذ ان عملية بهذا الحجم والتعقيد لا بد ان وراءها أهداف كبيرة اخرى.
لقد مثل الاعتداء الاسرائيلي ضربة قوية الى مسار السلام في المنطقة عبر محاولة افشال الجهود القطرية والمصرية في حل النزاع. وقد تحينت اسرائيل فرصة وجود قادة حماس في الدوحة لتوجية ضربة سياسية إلى السياسة القطرية الراعية للمفاوضات وذلك لرغبة اسرائيل في إيقاف اي جهد سلمي لحل النزاع. ومن الواضح إن اسرائيل بهذه الضربة كشفت عن احد أهدافها الحقيقية وهي تعطيل مسار المفاوضات عن طريق تعطيل دور الوسيط الرئيسي بهدف الاستمرار في الحرب والتي وجد فيها نتنياهو فرصته الوحيدة للبقاء في الحكم.
لقد هدفت اسرائيل في اعتداءها إلى توجية ضربة عسكرية وضربة سياسية الاولى لحماس والثانية لقلب الدبلوماسية القطرية وفيما فشلت الضربة الاولى فإن مصير الضربة الثانية تبقى بيد القيادة القطرية وليست بيد اسرائيل.
من جهة اخرى، هدفت الضربة الاسرائيلية إلى تقويض المساعي الامريكية وفرصة السلام الأخيرة التي اعلن عنها الرئيس ترامب. وبالرغم من ان الموقف الأمريكي من الضربة ينحاز إلى اسرائيل بشكل عام إلا أن محاولة الاغتيال تمثل هروبا من استحقاقات المبادرة الامريكية خصوصا ان الصفقة تتحدث عن حل شامل في النهاية وهو الامر الذي لا يريده نتنياهو لما له من تأثير على حكومته وعلى تأييد الاسرائيليون له.
وقد اراد نتنياهو تجنب هذه الاستحقاقات عن طريق نسف العملية التفاوضية قبل بدءها لخوفه من قبول حماس لمبادرة ترامب وهو ما يفسر ما تناقلته الانباء عن استعجال التحضيرات السياسية والعسكرية الاسرائيلية لتوجيه الضربة. وقد حاولت اسرائيل توريط الولايات المتحدة معها في الضربة عبر التصريح بانها أبلغت واشنطن مسبقا بيد ان ما صدر عن البيت الأبيض بعدها يؤكد عدم موافقة الرئيس ترامب وإبلاغ واشنطن الجانب القطري بها بما يشير إلى وجود مماحكات غير معلنة بين واشنطن وتل ابيب والتي حاول نتنياهو الهروب منها بهذه العملية. ولا شك بان البيان الصادر عن مكتب نتنياهو بتحمل مسؤولية الضربة والإعداد لها لم يكن ليصدر بعدم وجود مثل هذه المماحكات.
من ناحية ثانية، وعلى الرغم من علم نتنياهو بخطورة الاعتداء على احدى الدول الاعضاء في مجلس التعاون الخليجي وما يمكن ان يؤدي إلى تدهور العلاقات مع الاعضاء الذين يرتبطون بعلاقات دبلوماسية مع اسرائيل؛ إضافة إلى توقف التوسع باتفاقيات السلام الإبراهيمي وتمسك المملكة العربية السعودية بشروطها إلا ان نتنياهو ضرب عرض الحائط بكل هذه الاعتبارات مفضلا التمسك باستمرار الحرب وإدامتها نظرا ليقينه التام ان إدامة الحرب هي السبيل الوحيد لاستمراره السياسي.
في الخلاصة، لم تحقق إسرائيل اي هدف يمكن نتنياهو من ادعاء الانتصار بل ان الفشل العسكري والاستخباري الاسرائيلي في النيل من قادة حماس سيكون مجالا لتبادل التهم بالتقصير بين القادة الاسرائيلين والجناح السياسي والعسكري. كما ان الثمن السياسي الذي ستدفعه اسرائيل سيكون عاليا على المستوى الإقليمي والدولي في انعدام الثقة في اسرائيل وفي نتنياهو شخصيا بما يعزز عزلته الدولية.
السفير محمد الكايد
في خطوة غير مسبوقة، مثلت الضربة العسكرية الاسرائيلية لقطر تحولا أساسياً في مجرى النزاع الفلسطيني الاسرائيلي ينذر بتطورات اكثر تعقيدا خلال الفترة القادمة من خلال توقف مسارات السلام في المنطقة وفتح الأبواب امام تصعيد إقليمي محتمل.
من الواضح ان لاسرائيل اعتبارات مهمة عديدة ارادت تحقيقها من الضربة تتعدى في أهميتها العلاقة القطرية الاسرائيلية ، او الردود الغاضبة للدول العربية والدولية ، إضافة إلى المجازفة بحياة الرهائن المحتجزين لدى حماس.
لقد بررت اسرائيل ضربتها بمحاولة القضاء على زعماء حماس في الخارج ووفدها المفاوض وذلك استكمالا للسياسة الاسرائيلية بالقضاء على زعماء حماس أينما وجدوا مع علم اسرائيل الأكيد بان سياسة الاغتيالات قد اثبت فشلها في القضاء على الحركة منذ اغتيال مؤسس الحركة الشيخ احمد ياسين. وتعلم اسرائيل علم اليقين بان قتل زعماء حماس لن يؤدي إلى تفكيك الحركة او هزيمتها بل اثبتت حماس ان تسلسل القيادة وانتقالها بين كوادرها امر مرتب ومتفق عليه بين معظم الاعضاء. ومن هنا فإن ما تذرعت به اسرائيل في تبرير اعتداءها على قطر لا يتعدى تغطية إعلامية وتبرير غير مقنع اذ ان عملية بهذا الحجم والتعقيد لا بد ان وراءها أهداف كبيرة اخرى.
لقد مثل الاعتداء الاسرائيلي ضربة قوية الى مسار السلام في المنطقة عبر محاولة افشال الجهود القطرية والمصرية في حل النزاع. وقد تحينت اسرائيل فرصة وجود قادة حماس في الدوحة لتوجية ضربة سياسية إلى السياسة القطرية الراعية للمفاوضات وذلك لرغبة اسرائيل في إيقاف اي جهد سلمي لحل النزاع. ومن الواضح إن اسرائيل بهذه الضربة كشفت عن احد أهدافها الحقيقية وهي تعطيل مسار المفاوضات عن طريق تعطيل دور الوسيط الرئيسي بهدف الاستمرار في الحرب والتي وجد فيها نتنياهو فرصته الوحيدة للبقاء في الحكم.
لقد هدفت اسرائيل في اعتداءها إلى توجية ضربة عسكرية وضربة سياسية الاولى لحماس والثانية لقلب الدبلوماسية القطرية وفيما فشلت الضربة الاولى فإن مصير الضربة الثانية تبقى بيد القيادة القطرية وليست بيد اسرائيل.
من جهة اخرى، هدفت الضربة الاسرائيلية إلى تقويض المساعي الامريكية وفرصة السلام الأخيرة التي اعلن عنها الرئيس ترامب. وبالرغم من ان الموقف الأمريكي من الضربة ينحاز إلى اسرائيل بشكل عام إلا أن محاولة الاغتيال تمثل هروبا من استحقاقات المبادرة الامريكية خصوصا ان الصفقة تتحدث عن حل شامل في النهاية وهو الامر الذي لا يريده نتنياهو لما له من تأثير على حكومته وعلى تأييد الاسرائيليون له.
وقد اراد نتنياهو تجنب هذه الاستحقاقات عن طريق نسف العملية التفاوضية قبل بدءها لخوفه من قبول حماس لمبادرة ترامب وهو ما يفسر ما تناقلته الانباء عن استعجال التحضيرات السياسية والعسكرية الاسرائيلية لتوجيه الضربة. وقد حاولت اسرائيل توريط الولايات المتحدة معها في الضربة عبر التصريح بانها أبلغت واشنطن مسبقا بيد ان ما صدر عن البيت الأبيض بعدها يؤكد عدم موافقة الرئيس ترامب وإبلاغ واشنطن الجانب القطري بها بما يشير إلى وجود مماحكات غير معلنة بين واشنطن وتل ابيب والتي حاول نتنياهو الهروب منها بهذه العملية. ولا شك بان البيان الصادر عن مكتب نتنياهو بتحمل مسؤولية الضربة والإعداد لها لم يكن ليصدر بعدم وجود مثل هذه المماحكات.
من ناحية ثانية، وعلى الرغم من علم نتنياهو بخطورة الاعتداء على احدى الدول الاعضاء في مجلس التعاون الخليجي وما يمكن ان يؤدي إلى تدهور العلاقات مع الاعضاء الذين يرتبطون بعلاقات دبلوماسية مع اسرائيل؛ إضافة إلى توقف التوسع باتفاقيات السلام الإبراهيمي وتمسك المملكة العربية السعودية بشروطها إلا ان نتنياهو ضرب عرض الحائط بكل هذه الاعتبارات مفضلا التمسك باستمرار الحرب وإدامتها نظرا ليقينه التام ان إدامة الحرب هي السبيل الوحيد لاستمراره السياسي.
في الخلاصة، لم تحقق إسرائيل اي هدف يمكن نتنياهو من ادعاء الانتصار بل ان الفشل العسكري والاستخباري الاسرائيلي في النيل من قادة حماس سيكون مجالا لتبادل التهم بالتقصير بين القادة الاسرائيلين والجناح السياسي والعسكري. كما ان الثمن السياسي الذي ستدفعه اسرائيل سيكون عاليا على المستوى الإقليمي والدولي في انعدام الثقة في اسرائيل وفي نتنياهو شخصيا بما يعزز عزلته الدولية.