شريط الأخبار

وكأنه النداء الأخير من الملك

وكأنه النداء الأخير من الملك
كرمالكم :  

فهد الخيطان

للسنة الثانية على التوالي، يقف الملك عبدالله الثاني أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في دورتها السنوية، ليعبر عن غضبه وألمه، من خذلان وتقصير المجتمع الدولي تجاه قضية الشعب الفلسطيني؛ أقدم صراع على جدول الأمم المتحدة، الذي ما يزال دون حل عادل ومنصف.

لقد حدثت تغيرات خلال هذه السنة لم يقلل الملك من أهميتها؛ صحوة الضمير العالمي التي تعكسها المظاهرات العالمية المنددة بالعدوان الإسرائيلي على الفلسطينيين، وحرب الإبادة في قطاع غزة، إلى جانب تطور مهم تمثل في اعتراف أكثر من 15 بلدا بدولة فلسطين أبرزها بريطانيا وفرنسا وأسبانيا وكندا وأستراليا.

وهي تغيرات توقف عندها الملك في كلمته أمام المشاركين في مؤتمر تنفيذ حل الدولتين، وفي خطابه أول من أمس على منصة الجمعية العامة للأمم المتحدة.

لكن هذه التحولات في الموقف الدولي على أهميتها، ليست كافية لردع الحرب المستعرة في غزة، ولا مشاريع الاستيطان في الضفة الغربية. وكذلك في لجم الاعتداءات المتكررة على بلدان عربية، وتهديدات نتنياهو وأركان حكومته من الإرهابيين، بضرب استقرار دول المنطقة، وإشعال مزيد من الحروب.

كان الملك واضحا في خطابه حيال ما وصفها بالأوهام عن وجود شريك إسرائيلي راغب بالسلام، داعيا المجتمع الدولي للتوقف عن التمسك بهذا الاعتقاد الواهم، تجاه حكومة نتنياهو. ذلك يعني بوضوح أن الملك قد حسم موقفه من هذه الحكومة، وأن العلاقات الأردنية الإسرائيلية، ستبقى في حالة قطيعة سياسية، إلى أن يتبدل الوضع القائم على الطرف الآخر.

وإزاء عجز القوى الدولية ومجلس الأمن عن التصدي للأزمة ووقف إطلاق النار في غزة، يراهن الملك على الحراك العالمي الداعي لوقف الحرب، وهو المستوى الذي ركزت عليه الدبلوماسية الأردنية، طوال الأشهر الماضية.

تحركات الملك الدبلوماسية كانت منصبة على تكثيف الضغوط على إسرائيل وداعميها لوقف إطلاق النار في غزة، وتأمين دخول المساعدات بدون شروط لسكان القطاع.

وفي محطات عديدة حقق هذا الجهد نتائج طيبة، أشار إليها الملك في خطابه، حيث توقف عند دور الأردن كمركز رئيس للاستجابة الإنسانية الدولية في غزة، مقدرا دور الشركاء الدوليين والإقليميين. ومن على منصة الأمم المتحدة، حيث يصل الخطاب لكل شعوب الأرض، عبر الملك عن فخره بالأردنيين ومنتسبي القوات المسلحة الأردنية على الجهود الجبارة التي يبذلونها لمساعدة أهلنا في قطاع غزة، ومعهم طواقم الأطباء والممرضين في المستشفيات الميدانية التابعة للخدمات الطبية الملكية.

لا تخفي كلمات الملك الداعية للعمل بتصميم ومثابرة من أجل السلام وإنصاف الشعب الفلسطيني المظلوم، شعوره بالقهر والإحباط جراء هذا العجز الدولي، وخضوعه لأجندة المتطرفين في إسرائيل، وعدم قدرته على وقف المقتلة بحق الأبرياء.

لقد حاول الملك في القمة العربية الإسلامية، دفع الدول المجتمعة لتبني قرارات حاسمة ورادعة في وجه هذه الكارثة، وبالأمس ناشد ما تبقى من ضمير دولي لتصعيد تحركاته، لوقف آلة القتل المستمرة منذ عامين، ومنح شعوب هذه المنطقة الأمل في الاستقرار والازدهار، بدل هذا الزمن الطويل من الحروب والمعاناة الإنسانية التي مر عليها أكثر من سبعة عقود. وبوضوح صارخ وجه لهم النداء: الوقت قد حان. لقد بدا وكأنه النداء الأخير قبل أن تغرق منطقتنا في ظلام الحروب لعقود أخرى طويلة.

"الغد"

مواضيع قد تهمك