كتبت مروة البحيري
مفارقة عجيبة، وسياسة مرفوضة تنتهجها الحكومة من خلال مسؤولين في مواقع بمؤسسات تتصل بحياة المواطنين بشكل مباشرمثل مؤسسة الغذاء والدواء، ومؤسسة المواصفات والمقاييس.. وغيرها من حيث "الحياء" غير المبرر من فضح "المجرمين" والقتلة.. نعم فمن يتاجر ويبيع المواد الغذائية الفاسدة او المنتهية الصلاحية عامدا متعمدا هو قاتل مع سبق الاصرار والترصد.
يأتي هذا بالوقت الذي تنشر فيه البلديات والمحاكم اسماء مواطنين تخلفوا عن دفع ربما بضع دنانير لصالح جهات معينة ويتم التعميم عليهم وفضحهم من الاسم الاول حتى العائلة واماكن سكنهم وتهمتهم ومن الممكن ان يأتي يوم تنشر فيه صورهم ولا نستبعد.
من مهنتي كصحافية تواصلت مرار وتكرار وعبر سنوات مع المسؤولين في الغذاء والدواء كل ما طفت على السطح قضية "شروع بقتل المواطن" من خلال غذاء فاسد.. ولعجيب الامر كانت الاجابات ذات قالب واحد مترددة وغامضة واسماء الشركات او الافراد مخفية ومحمية.. ويختتم المسؤول كلامه ان الامر بيد القضاء، وما تلبث هذه الشركات بالعودة الى السوق وكأن شيئا لم يكن... سبحان الله!
مواطن لم يدفع المسقفات او شخص ارتكب مخالفة بالعمل، او شيك بدون رصيد ببضع دنانير.. يستيقط ليجد اسمه في المواقع الاخبارية والصحف، وشركات كبرى تستبيح حياة المواطنين تحظى بحماية لاسمها ومكانتها ووزن اصحابها "الثقيل".. أمر مخجل يا مؤسسات الدولة ولعل المانع خير!
مثل قديم يقول "الي ما بستحي منك، لا تستحي منه" وهذا ينطبق على شركات الاغذية التي لم "تستحي" او تخاف من حكومة او مواطن وضربت الاخلاق والضمير عرض الحائط، وفي المقابل تجد حماية و"حياء" من الحكومات عن ذكر اسمها من قريب او بعيد ويترك الباب مفتوحا على مصراعيه للتكهن والاحتمالات... ونسأل اليس من حق المواطن ان يعلم ماذا يشتري وممن.. وبمن يثق؟.. والأسف سياسة التستر ليست وليدة اللحظة بل هي سنّة سارت عليها الحكومات المتعاقبة ومؤسساتها التي تعنى بغذاء المواطن مع تغير الاسماء والوجوه!
عار على مؤسسات الدولة حماية الفاسدين ويكفي كل هذا التبرير، فصحة المواطن أهم من نفوذ الحيتان.. والدولة لن يهزها كشف تجار الموت ، بل يرهقها هذا الكم من التضليل و"لملمة" الفساد واغلاق الملفات.