شريط الأخبار

مشكلة متفق عليها .. ما الحل؟

مشكلة متفق عليها .. ما الحل؟
كرمالكم :  
مكرم أحمد الطراونة
في اتفاق لافت، يُجمعُ عددٌ كبيرٌ من الخبراء والمختصين، أن فشلَ العديد من الخطط والإستراتيجيات والتوجهات، عائدٌ بشكل أساسي لغياب التنسيق، واتساع الهوّة بين القطاعين؛ العام والخاص.
عشرات الخبراء والمسؤولين الحكوميين الذين حلّوا ضيوفا على "مجالس الغد" خلال الأشهر الماضية، حذروا من أن استمرار هذا العائق، سوف يؤدي إلى مزيد من التحديات التي ستؤثر بالضرورة على عجلة التقدم، وبالتالي، فإن أي تخطيط مستقبلي سوف يكون محكوما بالفشل في أغلب الأحيان.
الأمرُ يشكل معضلة حقيقية لا بد من تجاوزها. لكن الأمر الجيد هو أن التشخيص قد تم، وليس أمامنا سوى تقييم حجم المشكلة ومراجعتها، ومن ثم وضع حلول لها إذا ما أردنا المضي قدما في مشاريع الإصلاح الاقتصادي والإداري.
زيادة رقعة التنسيق بين القطاعين يمكن أن تكون مفتاحا لتطور الاقتصاد والبنية التحتية، وقد يتم استخدام الشراكة الصحية بين القطاعين لتجاوز ملفات شائكة كبيرة، مثل عقبة البطالة التي يعاني منها الاقتصاد المحلي.
لكن ذلك لا يتم من خلال إبقاء الأمور على ما هي عليه اليوم، خصوصا في التعامل الرسمي مع القطاع الخاص على أنه تحصيل حاصل، ولا نتذكره إلا حين نطالبه بما عليه من استحقاقات، بينما لا نقدم له شيئا يذكر لتمكين صموده أو دعمه، كما لا نحاول أبدا الإسهام في زيادة مساحته، أو إزالة التحديات الكثيرة في عمله.
في كل مؤتمر أو جلسة أو حوارية، نرى الحكومة تتحدث بصوت عالٍ عن الشراكة مع القطاع الخاص، لكنّ الأمر أصبح أقرب إلى كلاشيهات مكرورة لا تحمل أي معنى، بل هي مجرد جُمل تتم صياغتها للاستهلاك المحلي فحسب، بينما على أرض الواقع لا يصار إلى إجراء خطوات عملية تسد الفجوة بين القطاعين.
في الذاكرة عشرات الإستراتيجيات والخطط الأنيقة التي تغنّينا بها طويلا، لنكتشف أنها سرعان ما تذهب إلى النسيان بسبب عدم الجدية في التعامل مع بنودها، أو أن تكون مشاريع وطموحات شخصية لمسؤولين معينين، لكنها سرعان ما تذهب أدراج الرياح بمجرد تغيير المسؤول الذي ينفرد بإعدادها، فتختفي مع تركه موقعه.
الشراكة بين القطاعين لا يتوجب أن تبقى "لافتة" يرفعها المسؤول من أجل تحسين صورته، كما لو أنه يدخل في سباق انتخابي، بل يتوجب أن تصبح عقيدة تؤمن بها المؤسسة الرسمية إن أرادت تطوير العديد من القطاعات التي يحترف القطاع الخاص إدارتها بشكل أفضل بكثير مما تقوم به الحكومة، كما يتوجب أن تقوم الحكومة بدعم وتمكين القطاع الخاص، والذي يمكن له أن يسهم بخلق العديد من الوظائف عن طريق تحسين قطاعات الخدمات والصناعة والزراعة والتجارة، ما يؤدي في النهاية إلى زيادة مساحة الاقتصاد الوطني الكلي الذي سيرفع بالضرورة قيمة الناتج المحلي الإجمالي.
أمس، أقر مجلس الأعيان قانون الشراكة بين القطاعين كما ورد من النواب، ونتمنى أن تكون بنوده قد جاءت بما يكفل تفعيل هذه الشراكة بشكل جاد وحقيقي. نعلم أن التحدي المشترك الذي يواجه التقدم في ملفات الطاقة والتعليم والتدريب المهني والصحة والريادة وغيرها من الملفات، هو غياب العمل الجماعي، وضياع المجهود عبر الافتقار إلى التنسيق بين القطاعين، أو بين المؤسسات الرسمية فيما بينها. نتمنى أن تكون التشريعات قد عالجت هذه التحديات.
لكن، الأهم من ذلك وجوب أن تكف الحكومات عن النظر إلى القطاع الخاص على أنه منافس لها في العمل القطاعي، بل على أنه شريك وداعم. في هذه الحالة، فنحن بحاجة إلى آليات عمل جديدة تضمن هذه الشراكة وتثبّتها على أرض الواقع، وتجعل منها عملية سلسة لا ترتبط بمسؤول معين، بل بديناميكية ذاتية.
الغد

مواضيع قد تهمك