شريط الأخبار

هل يسير الأردن على حبل مشدود؟

هل يسير الأردن على حبل مشدود؟
كرمالكم :  

د. شهاب المكاحله

مع استمرار التوترات بين إيران وإسرائيل ووصولها إلى مرحلة الغليان، تجد المملكة الأردنية الهاشمية نفسها في وضع محفوف بالمخاطر، إذ تسعى جاهدة للحفاظ على سيادتها وحيادها وسط صراع القوى الإقليمي. بالنسبة للكثير من الأردنيين، فإن الواقع أكثر تعقيدا من ذلك، ويتمثل في الالتزامات الأمنية المعقدة والملفات المتشابكة التي مهما حاول الأردن أن يدفع بنفسه بعيدا عنها يجد ذاته في لُب تلك التشابكات والتجاذبات والمشاحنات.

الأردن يرى نفسه عنصراً رئيساً في بنية الأمن الأميركية في الشرق الأوسط، ويسعى إلى تعزيز علاقاته مع حلف شمال الأطلسي من خلال إنشاء مكتب اتصال – الأول من نوعه في المنطقة. وتتماشى هذه الخطوة مع خطة إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن الطموحة لإنشاء نظير إقليمي لحلف شمال الأطلسي، يركز على مواجهة تهديد الصواريخ والطائرات بدون طيار الإيرانية.

ومن الناحية الواقعية، لا يمكن فصل سياسة الأردن عن دوره كحليف للولايات المتحدة. فالمملكة الأردنية الهاشمية تدرك تمام الإدراك أن أي خطوة خاطئة من أي من أطراف النزاع الإقليمي قد تجر الأردن وغيره إلى دوامة حرب إقليمية. الأردن وجد نفسه بين مطرقة مواجهة هجوم إيراني عابر وسندان الانخراط في صراع إقليمي كامل، تمليه الحاجة إلى الحفاظ على مصالح الأردن الداخلية وتوازنها الديموغرافي الدقيق.

إيران تتمتع بحضور قوي على طول حدود المملكة من الشرق والشمال وهذا يشكل اعترافاً عملياً بالحقائق الجيوسياسية المعقدة التي يواجهها الأردن.  كما أنه يشي بأن الأردن يسعى جاهدا لتجنب أي صدام أو نزاع عسكري كبير في منطقة الشرق الأوسط الذي يغلي منذ أكثر من عقد. وهذا لا يقلل من قدرة الجيش والأجهزة الأمنية الأردنية التي تحارب اليوم ومنذ أكثر من عقدين على أكثر من صعيد لضمان استقرار الأردن والحفاظ على سلامة مواطنيه.

الجهود التي يبذلها الأردن لنقل رسائل التهدئة وتجنب التحول إلى "رقعة شطرنج” في صراع القوى الإقليمي مفهومة. فاليوم الأردن ببحر في التضاريس التي وجد نفسه بحكم جيوسياسية الإقليم جزءا منها وإن حاول النأي بنفسه عن الصراع الإيراني الإسرائيلي. فمع خضوع الشرق الأوسط لفترة من "التحول العميق” الذي تحدث عنه الكاتب والفيلسوف فرانس كافكا في روايته الميتامورفيسس (Metamorphosis)، فإن تداعيات "طوفان الأقصى” والحرب الدائرة في غزة والتوتر بين حزب الله واسرائيل من الممكن أن تعطل الكثير من المخططات السياسية للمنطقة خاصة في ظل تصفية حسابات بين الشرق والغرب على رقعة الشطرنج الشرق أوسطية.

تعتمد قدرة الأردن على الخروج من حقل الألغام هذا سالماً على قراءة المشهد السياسي أولا والأمني والعسكري ثانيا والدعم الشعبي ثالثا لأن ما تخفيه الحقبة من ديسمبر ٢٠٢٤ إلى صيف العام ٢٠٢٥ محفوفة بالمخاطر تغير فيها حدود وترفع فيها قيود، تعطى فيها الشرعية لأنظمة وتحجب عن بعضها.  فإذا كان المرشح الرئاسي والرئيس السابق دونالد ترامب يعتزم تفكيك حلف الناتو لأنه لم يعد يواكب العصر وأنه لا حاجة لهكذا حلف الذي – وفق تعبيرات ترامب – يشكل عبئا على ميزانية الدفاع الأميركية نظرا لأن مساهمة الولايات المتحدة تفوق دول الاتحاد الأوروبي مجتمعة، فإننا أمام مشهد مختلف من التحالفات في العام ٢٠٢٥ قد يغير وجه الشرق الأوسط ودوله.

راي اليوم

مواضيع قد تهمك