عوني الداوود
انشغل العالم - ولا يزال - ومن الطبيعي أن يكون الحال كذلك بأسماء فريق الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب، والذي بدأت ملامحه تكتمل بانتظار القرار النهائي واستلام المناصب رسميًّا بعد تنصيب ترامب بصفته الرئيس الـ47 للولايات المتحدة الأمريكية بتاريخ 20 يناير/ كانون الثاني 2025. وبعد استكمال إجراءات موافقات الكونغرس على تعيينات تستوجب تلك الموافقة وأخرى يتخذها الرئيس دون الحاجة إلى موافقات، أقول من الطبيعي أن ينشغل العالم ويتابع أسماء الفريق القادم، وعلى طريقة «قل لي من الرجل أقل لك ماذا سيفعل». وإذا كانت كثير من الدول قد اعتبرت فوز دونالد ترامب «صدمة» ستنعكس آثارها على العالم سياسيًّا واقتصاديًّا، فإن دولًا أخرى وجدت في فوزه فرصة لتحقيق أمانيها وخططها على كافة الصعد.
ما رشح من
أسماء «فريق ترامب» حتى الآن يؤكد على النقاط التالية:
1 - أن الرئيس الجمهوري القادم دونالد ترامب «جادّ جدًّا» في تنفيذ ما وعد به في حملته الانتخابية وما رفعه من شعارات، وتحديدًا ما يتعلق بملفات: (الهجرة - وقف الحروب - تغيير النهج الاقتصادي والتجاري العالميّين).
2 - الأسماء التي رشحت حتى
الآن تضم فريقًا ولاؤه المطلق لترامب، ومؤمنًا تمامًا ببرامجه وخططه المتشددة في
كل شيء، وعلى هذا الأساس تم اختيارهم.
3 - أسماء الفريق تضم شخصيات متشددة في ملفات: الشرق الأوسط - كوبا - والصين.
4 - الصفة المشتركة في جميع الفريق كاملاً هي تعاطفهم - لا بل دعمهم - المطلق لإسرائيل، بدءًا من المرشح لشغل منصب السفير الأمريكي لدى تل أبيب، مرورًا بوزير الدفاع، والمرشحة لمنصب ممثل الولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة، وليس انتهاءً بالمرشح لمنصب وزير الخارجية. وهذه الصفة ليست مفاجئة، لأنها صفة يجب توفرها في كل من يشغل منصبًا رفيعًا في الولايات المتحدة الأمريكية، سواء من الجمهوريين أو الديمقراطيين على حد سواء، لكن ربما تكون هذه المرة أكثر وضوحًا وحدّة وتشدّدًا.
5 - العالم كله بدأ مرحلة «التغيير المتسارع» منذ إعلان فوز ترامب، خصوصًا ماليًّا واقتصاديًّا، والدلائل متسارعة ويشهد بها: قوة الدولار، ارتفاعات البتكوين والعملات المشفرة، وهبوط أسعار الذهب... إلخ.
6 - فريق ترامب شعاره -
كما الرئيس - «أمريكا أولًا»، وسيطبقون ذلك في كل سياساتهم الداخلية والخارجية.
7 - يساعد الرئيس وفريقه الوزاري على تحقيق البرنامج (الاقتصادي والاجتماعي والصحي والسياسي... إلخ) امتلاك كامل القرار من خلال أغلبية مريحة في الكونغرس بغرفتيه النواب والشيوخ.
كل ما تقدّم ملامح عامة لفريق دونالد ترامب، وكلها تؤكد جدية ترامب في تنفيذ برنامجه الواضح جدًّا ولِما سيفعله، وانعكاسات تلك السياسات على العالم. وهو (ترامب) يؤكد أنه لن يكرّر هذه المرة (أخطاء الماضي). والمشكلة تكمن في تعريف كلمة (الأخطاء)؛ فما يراه العالم خطأً يراه هو صوابًا، ويؤكد ذلك من اختارهم ترامب ضمن فريقه الجديد، مما يطرح العديد من التساؤلات التي تشغل بال العالم - والشرق الأوسط الذي يعنينا تحديدًا - وفي مقدمة تلك التساؤلات:
1 - هل سيوقف ترامب حروب إسرائيل ضد (غزة ولبنان) والحرب الروسية - الأوكرانية؟ وكيف (وهذا هو الأهم)؟
2 - هل سيتمثل دعم ترامب لنتنياهو بإطلاق يد الأخير في ضم الضفة الغربية، وتنفيذ مخططاته في غزة، والمضي قدمًا بسياسات التهجير؟ وهو الذي بدأ رئاسته السابقة بقرار نقل السفارة الأمريكية إلى القدس وأوقف دعم «الأونروا»؟
3 - ماذا عن لبنان؟ وسوريا؟ والعراق؟ وهل سيطلق يد إسرائيل تحت ذريعة «حقها في الدفاع عن النفس»؟
4 - ماذا عن الأردن؟ والتي
واجهت تحديات «سياسية» كبيرة خلال فترة رئاسة ترامب الأولى، في مقدمتها ضغوطات
«صفقة القرن»؟
5 - ماذا عن برامج وخطط «السلام السياسي» التي بدأها ترامب في ولايته الأولى؟ وهل يعيد إحياءها إلى جانب مشاريع التنمية الكبرى في الإقليم؟
6 - ماذا عن الملف الإيراني، الذي يتعامل معه ترامب بتشدد كبير؟ فهل يتم إغلاق هذا الملف؟ وكيف؟ أم أن المفاوضات «السرية» قد بدأت لإتمام «صفقة» ترضي الجميع وتحديدًا إسرائيل ثم دول المنطقة؟
7 - هل سيوقف ترامب الحروب
«العسكرية» ليشعل «الحروب الاقتصادية والتجارية»، خصوصًا في مواجهة الصين،
وتأثيرات ذلك على الاتحاد الأوروبي والتجارة العالمية؟
الأسئلة لن تنتهي، ولابد أن ننتظر لما بعد 20 يناير المقبل لنرى إجابات على الأرض. لكن ملامح فريق ترامب تؤكد باختصار على ما يلي:
1 - عودة ملف الشرق الأوسط إلى جدول أولويات السياسة الأمريكية (وهذا من آثار وإنجازات الحرب على غزة).
2 - نعم، هناك حروب ستتوقف هنا أو هناك، لكن في المقابل هناك حروب سوف تشتعل بسبب السياسات «الترامبوية» وفريقه المتشدد، وكثير من تلك الحروب ستكون «اقتصادية»، وهي بالمناسبة كثيرًا ما تكون أكثر شراسة وتدميرًا.
الدستور