شريط الأخبار

عن رسالة ظريف إلى اليهود

عن رسالة ظريف إلى اليهود
كرمالكم :  

مالك العثامنة

سلام ثم شالوم، هكذا بدأ المستشار الإستراتيجي للرئيس الإيراني محمد جواد ظريف رسالته إلى اليهود في العالم، وربما علينا أن ننتبه أن ظريف في الموازين السياسية أكثر ثقلا في التجربة والحضور من رئيسه، وعلينا الانتباه أيضا أن رسالته موجهة لإسرائيل مع "إشارةCC" إلى الساكن القادم في البيت الأبيض.

جواد ظريف هو مهندس الاتفاق النووي الإيراني الشهير الذي نقضه ترامب في إدارته الأولى، ومن خلال هندسته تلك اكتسب الرجل خبرة في العلاقات مع الغرب خارج الأطر المغلقة لأحكام الفقيه الأعلى وولايته، من هنا فالرجل فعليا هو رأس حربة "الإصلاحيين" في طهران، وهو الركن الأساس في تيار الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان، الذي صار من العادي أن ننتظر رسائله التلطيفية بعد كل تصعيد من كبير المتشددين المرشد الأعلى خامنئي.

ببساطة، نحن أمام رأسين في النظام الإيراني، خطان متوازيان لا يلتقيان، أحدهما لا بد له أن يختفي ويتلاشى ليستمر الآخر.

ورسالة ظريف هي رسالة التيار الإصلاحي الذي صارت له مخالب، وقادرا على أن يحمي نفسه من الراديكاليين، وله علاقاته التي تسمح له بالتموضع والتمدد، وربما له شعبيته في الشارع الإيراني التي قد تحصنه من "ضربة قاضية" تطيح به.

ورسالة ظريف لو تتبعناها جيدا، فهي الرد على رسالة نتنياهو التي وجهها إلى الشعب الإيراني في نهاية سبتمبر الماضي (بعد اغتيال حسن نصر الله)، وكما حذر نتنياهو الشعب الإيراني من حكومته "التي تقوده إلى الهاوية" قام ظريف بالرد بذات الطريقة "وأعمق قليلا" بتحذير اليهود من حكومة إسرائيل وتوسع بالتحذير من الصهيونية كلها، لكن اللافت جدا كانت إشارته منذ البداية إلى إشارات الانفتاح على الأديان الأخرى "الإيمانية" ومروره على فكرة "الإيمان الإبراهيمي" كحاضن وحدوي يحذر في رسالته اليهود من الخروج عنه.

هي رسائل موجهة إلى ترامب وإدارته، لإعادة النظر في التفاهمات مع إيران، من وجهة نظر "إصلاحية" تخوض حربا داخلية "شرسة وصامتة" مع تيار راديكالي له مدافعه وجيشه ومليشياته التي يتم فكفكتها تباعا في المنطقة.

ظريف وبزشكيان في نظر الحرس الثوري وباقي المتشددين في النظام الإيراني لهم لقب: عصابة نيويورك. وهو ضمن تصنيف صار واضحا في الداخل الإيراني العميق ضمن عملية فرز على قمة الهرم في النظام.

تلك حرب رسائل في فترة "البرزخ الانتقالي" الذي يعيشه العالم كله بانتظار استقرار الساكن الجديد وطاقمه في البيت الأبيض، وعلى الجميع أن يعدّ ويهيئ نفسه بالعرض الأفضل للتأقلم في قواعد إقليمية جديدة.

الغد

مواضيع قد تهمك