محمود خطاطبة
يقول رسول الله- صلى الله عليه وسلم- "تكون بين يدي الساعة فتنٌ، كقطع الليل المُظلم، يُصبح الرجل فيها مؤمنًا ويُمسي كافرًا، ويُمسي مؤمنًا ويُصبح كافرًا، يبيع أقوام دينهم بعرض من الدنيا".. ذلك كلام حدّث به سيّد البشرية جمعاء قبل أكثر من 1445 عامًا من الآن، ينطبق تمامًا عمّا يحصل في هذه الأيام في المنطقة بشكل عام، والدول العربية والإسلامية بشكل خاص.
ما يحصل من أحداث، شهدتها أكثر من دولة عربية، خلال عام واحد فقط، يضع العقل في الكف، حتى يُصبح الإنسان ذو اللب، لا يستطيع تفسير ما يجري على أرض الواقع، وكأنّه في حلم، لن يصحو منه أبدًا.
مجرد طرح عدة أسئلة، أو حتى سؤال واحد،
حول ما يحصل في هذه البلاد، التي هي بالأصل مهضوم حقها، ومُغتصب ومُحتل أجزاء
كبيرة من أراضيها، وشعوبها تعيش القهر كُل ساعة، أصبح وكأنه ضرب من الجنون، أو أنه
يدخل في باب الحرام أو ممنوع الاقتراب منه.
فلا أحد يعلم، ما يحصل في بلادنا
العربية في الوقت الراهن، حتى الرجل الحليم والحكيم لن يستطيع أن يُحلل أو يُعلل
ما حدث ويحدث وما يزال من حرب مستعرة تشنها دولة الاحتلال الإسرائيلي على قطاع
غزة، المُحاصر أصلًا منذ سبعة عشر عامًا، والتي مضى عليها نحو 14 شهرًا، ثم ليُعرج
الصهاينة، وكأنهم في نزهة، إلى لبنان الجريح أصلًا، وقاموا بتدمير عدة مدن ومناطق
أساسية فيه، والعالم كُله، بلا استثناء يُشاهد.
وبعد أقل من 24 ساعة على إبرام اتفاق
يقضي بـ"وقف إطلاق النار"، كما يحلو للعالم الديمقراطي أن يُطلق عليه،
ما بين لبنان الشقيق والصهاينة المُغتصبين، حيث يُساوي ما بين الضحية والجلاد، حدث
شيء عُجاب في الشقيقة سورية، التي لم تهدأ منذ العام 2011، إبان ما كان يُسمى
"الربيع العربي"، حتى بدأت ما تُسمى بالمُعارضة السورية بشن هجمات
عسكرية على أراض شملت عاصمة سورية الاقتصادية (حلب) ومن ثم أكملت مسيرها حتى باتت
على تخوم مدينة حماة.
كُل ذلك يحدث ويحصل، بسرعة لم يتوقعها
أفضل المُتشائمين، أو أولئك العملاء والخونة وأصحاب الأجندات غير الوطنية والقومية
والعروبية، وأصابت أبناء الأمتين العربية والإسلامية في مقتل، ووقع عليهم ذلك
الخبر، وكأن على رؤوسهم الطير.. فالحدث أمر جلل عظيم، يجعل الحليم وكأنه مُخدر أو
على قلبه أكنة، وفي أُذنيه وقر، وعلى عينيه غشاوة، لا بل أغشية.
هذه الأمّة لم يكفها ما حصل لها من
تدمير مُمنهج بفعل فاعل، وكأنها لم تشبع بعد من مدافع وطائرات ودبابات العدو التي
وجهها نحوها، على مر عقود مضت، إذ تسبب كُل ذلك بقضم الكثير من الأراضي العربية..
كُل ذلك وكأنه لم يكف، حيث بات أبناؤها يكيدون لها كيدًا، ويُشاركون في خطط
"صهيو- أميركية"، من أجل إكمال مُخططاته، والتي من شأنها القضاء على
المنطقة.
ويا ليت الأمر يقف عند إعادة تقسيم المنطقة، بل ما يحدث هو عبارة عن إعادة برمجتها من جديد، فحتمًا ستكون هُناك دويلات جديدة، من شأنها في المُستقبل أن تتقاتل فيما بينها، بحجة أن كُل دويلة على حق، وصاحبة أرض.
الغد