شريط الأخبار

نريد مناعة وطنية «بهمّة» شعبية ورسمية أيضاً

نريد مناعة وطنية «بهمّة» شعبية ورسمية أيضاً
كرمالكم :  

حسين الرواشدة 

صحيح، نحتاج إلى استدعاء «الهمة «الوطنية، والدعوة إلى وحدة الجبهة الداخلية، نحتاج إلى مخاطبة الأردنيين واستنفارهم لرصّ الصفوف، وتقديم الواجب الوطني، ووضع «الدولة الأردنية» عنوانا للمنعة والتوافق، وجدولة أو تأجيل ما دون ذلك من خلافات أو حسابات، لكن، بصراحة، نحتاج بموازاة ذلك، وربما قبله، إلى استدعاء «همة « الإدارات العامة للدولة، وكافة القوى السياسية والاقتصادية والإعلامية، للقيام بما يتعلق بهم من واجبات ومسؤوليات، بلا إقصاء، ولا استقواء، بلا وصايات أو استخدام مظلات خارجية.

‏لماذا ؟ لأنه لا يمكن لهذا الجسد الأردني أن يتحرك بالاتجاه الصحيح، وبالزخم الذي نريد، إلا إذا وجد «رؤوساً» عاقلة وموثوقة تقود، وجماعة وطنية تؤمن بالأردن وتضعه اولوية لها، وإدارات عامة تتحمل مسؤولياتها وتصحح مساراتها، وتصنع مناخات عامة مريحة، ومزاجا شعبيا يتمتع بالعافية، وخطابا إعلاميا موحدا يحدد اتجاهات البوصلة الوطنية، ويبني إرادة قوية للمواجهة بمنطق «نحن»جميعا، لا أنا، فقط، أو أنت.

‏أعرف، الوقت غير مناسب للتذكير بما حدث في بلدنا على امتداد السنوات الماضية، يكفي أن أشير إلى أن أخطاءً عديدة حصلت، وأن كثيرين ممن تولى المسؤولية فشلوا في حملها، وحمّلوا بلدنا نتائج باهظة ندفع ثمنها الآن، هذا الواقع يمكن أن نتناقش فيه، وقد نختلف حوله، كما يمكن أن نفسِّر على ضوئه حالة «التمنع» التي يعبر عنها بعض الطبقات السياسية، وبعض الأردنيين أيضا، حين نسألهم : أين أنتم، ولماذا لم نسمع أصواتكم حتى الآن؟

‏لكن الأهم من ذلك كله أننا، الآن، أمام مرحلة مفصلية قلت مرارا : إنها الأخطر على بلدنا منذ تأسيسه، وبالتالي فإن استدعاء الماضي وحساباته ليس مجدياً ولا مفيداً.

المصلحة الوطنية للدولة الأردنية التي تهمنا جميعا، مهما كانت مظلومياتنا وتحفظاتنا، هي أن نبدأ بما يجب أن نفعله اليوم وغداً، أقصد، تحديدا، طبقة المسؤولين وطبقة السياسيين وطبقة رأس المال الوطني، هؤلاء هم الذين يجب أن يتحملوا أعباء تعديل المسار، وإقناع الأردنيين بطيّ صفحة الأمس، واستعادة الثقة بالدولة ومؤسساتها، وإطلاق إستدارة نحو الداخل «الأردن أولا».

‏اجزم أن الأردنيين، كل الأردنيين، جاهزون ليكونوا تحت أمر الدولة، ومع كل ما تتخذه من قرارات، ومستعدون، تماما، لتحمل الثمن ؛ أي ثمن سياسي أو اقتصادي، وقادرون على مواجهة المرحلة بكل تبعاتها، لكن هذه الجاهزية والاستعداد والقدرة يجب أن تقابله أو تسبقه حركة مدروسة ومنظمة من قبل كافة ادارات الدولة ومؤسساتها، وقوى المجتمع، بكل اطيافه واطرافه، عنوانها (تعالوا نتصارح ونتصالح ونتناصح لأجل الأردن )، هذا، بالطبع، لا يتحقق بالكلام فقط، وإنما بالأفعال والقرارات والإجراءات، وهي بتقديري، قادمة بأسرع مما نتوقع، كما أنها أسهل مما يتصور البعض، إذا صدقت النوايا وصحت العزائم.

‏لقد أخطأنا جميعا بحقّ بلدنا، من تحدث وفجر أخطأ، من صمت وانسحب أخطأ، من ارتجفت يداه عند اتخاذ القرار الصح، ولم يتخذه، اخطأ، من صعد فوق الشجرة، ولم يراعِ ظروفنا وإمكانياتنا أخطأ ؛ من ظلم وتجبّر واستهان بالمجتمع وتعالى عليه اخطأ، نحن جميعا مسؤولون عما نحن فيه، وإن اختلفت أنصبة المسؤولية، من واجبنا، كأردنيين، نعيش في وطن ليس لنا غيره، أن نعترف ونحتكم لضمائرنا، فلهذا البلد فضلٌ على الجميع، وفي هذا البلد خيرٌ يكفي الجميع، وإذا أصابه مكروه، لا قدر الله، خسرنا جميعا بلا استثناء.

ألا يكفي ان نعترف بذلك لكي نتحرر من كل ما بداخلنا من أسباب ومبررات تجعلنا نحرد او نتردد، نصمت او نتحوصل على ذاتنا ومصالحنا، فيما بلدنا يحتاج أن نكون معاً لنرد عنه العاديات؟ أكيد هذا يكفي، الأردنيون لا يمكن، أبداً، أن يخذلوا بلدهم.

الدستور

مواضيع قد تهمك