شريط الأخبار

فلسطين بدون الفلسطينيين

فلسطين بدون الفلسطينيين
كرمالكم :  

فهد الخيطان

يمثل وجود أكثر من 7 ملايين فلسطيني على أرض فلسطين التاريخية المأزق الحقيقي والرئيسي للمشروع الصهيوني، وليس المقاومة المسلحة بالمعنى المباشر.

قبل أن يطرح الرئيس الأميركي دونالد ترامب فكرته لتهجير سكان قطاع غزة، كان فريق محدود داخل اليمين الصهيوني يجاهر بأفكاره عن التهجير القسري، دون أن يتجرأ التيار العريض على قول ذلك.

في الأيام القليلة الماضية اندفع الجميع في أوساط اليمين لترديد ما قاله ترامب والثناء على أفكاره، حتى الأحزاب المحسوبة على المعارضة لحكومة نتنياهو.

نتنياهو الذي كان يكبح قناعته في هذا الشأن انطلق بكل طاقته للتعبير عنها. وبعد أن دعا لإقامة دولة للفلسطينيين في السعودية، عاد ليهاجم مصر ويحمّلها مسؤولية عدم فتح حدودها لخروج أبناء قطاع غزة.

لقد تلقف اليمين الصهيوني الفكرة بلهفة وأمل، بوصفها طَوق الخلاص التاريخي للمشروع الصهيوني. فلسطين بدون فلسطينيين، وسوى ذلك لا معنى ولا جدوى من خوض حروب ضد الحركات الفلسطينية المسلحة ما دام الشعب الفلسطيني سيبقى على أرضه.

كان هذا أخطر استخلاص توصلت إليه حكومة اليمين المتطرف في إسرائيل بعد العدوان الأعنف على قطاع غزة. حقق الهجوم الوحشي على القطاع نتائج عسكرية لا يمكن إنكارها، لا بل إن اتساع رقعة المواجهة إقليميا جلب لإسرائيل انتصارات إضافية على جبهات الشمال لم تكن تحلم فيها.

لقد وجهت ضربات قاصمة لحركة حماس في قطاع غزة وخارجه، وكسرت ظهر حزب الله في لبنان، وأبعدته عن حدودها، ووجهت لإيران ضربات ليست هينة، وفوق كل ذلك سقط نظام الأسد في سورية، بتوقيت مثالي.

لكن هذه النتائج على أهميتها لم تغير من جوهر الصراع شيئا؛الفلسطينيون باقون على أرضهم، ولم يختفوا. وها هم يعودون إلى أحيائهم المدمرة بالآلاف.

في الضفة الغربية، تحاول إسرائيل وبشكل ممنهج ومتدرج إنتاج مشهد مماثل لغزة، لعل النتيجة تختلف هناك، وتجد طريقا أيسر لتهجير سكان الضفة. كانت البداية بالمخيمات باعتبارها مراكز حراك ثوري. قامت بتهجير سكان ثلاثة مخيمات لحد الآن، ولا يعرف إن كانت ستسمح بعودتهم. الهدف تغيير موازين القوى السكانية في مناطق شمال الضفة تمهيدا للضم.

بهذا المعنى فإن أرقى أشكال المقاومة الفلسطينية اليوم هي تمكين الشعب الفلسطيني من البقاء والصمود على أرضه، وفي كل بقعة من فلسطين التاريخية أيضا.

دعم هذا الصمود هو مقتل المشروع الصهيوني، ولهذا كان حرص الأردن على تدشين حملات عالمية مكثفة من المساعدات الإنسانية للفلسطينيين، لجعل صمودهم ممكنا. وإذا كان من أشكال دعم يمكن للعرب تقديمها بشكل عاجل للفلسطينيين، فهي المساعدات وإعادة الإعمار ودعم الاقتصاد الفلسطيني التي تمكنهم من الصمود ومقاومة مشاريع التهجير والتهويد.

الديمغرافيا هي مفتاح المشروع الصهيوني، وهي في ذات الوقت الضمانة الوحيدة لقيام الدولة الفلسطينية المستقلة.

مواضيع قد تهمك