شريط الأخبار

ترامب قلب طاولة الحرب الأوكرانية

ترامب قلب طاولة الحرب الأوكرانية
كرمالكم :  

د.حسام العتوم

الرسم البياني لتصريحات رئيس الولايات المتحدة الأمريكية دونالد ترامب بشأن الحرب الأوكرانية تصاعد حتى قبل وصوله لسد الحكم في البيت الأبيض بواشنطن للمرة الثانية بتاريخ 20 / يناير / 2025 ، و أصبح أكثر وضوحا الان ، و ترامب كرئيس لأمريكا اختلف 24 درجة عن الرئيس الأمريكي السابق جو بايدن ، فبينما كان بايدن يدفع بمال أمريكا و خزائنها و خزائن دول " الناتو " تجاه الحرب و بمبلغ تجاوز 300 مليار دولار ، جاء ترامب لاستعادة المبالغ الأمريكية المهدورة عليها بصفته رجل أعمال و اقتصاد أولا و سياسي ثانيا . و طالب حلف " الناتو " حتى بتعويض أمريكا 200 مليار دولار التي دفعتها إلى جانب " الناتو" قائلا بأن أمريكا هي التي تحمي الناتو و ليس العكس ، و أقر ترامب بأن من الأسباب الهامة للحرب محاولة تقريب "الناتو" تجاه حدود أوكرانيا ، أو جنوب روسيا ، و هو الذي ترفضه روسيا الاتحادية نفسها لأسباب استراتيجية عسكرية بعيدة المدى .

ومن الخطأ إعلاميا القول بأن الولايات المتحدة الأمريكية هي أكبر دولة في العالم ، أو بأن الرئيس الأمريكي ، أي رئيس لأمريكا ، هو أكبر رئيس في العالم ، بوجود روسيا الاتحادية الأكبر مساحة في العالم ( أكثر من 18 مليون كم2 ) ، و الأقوى نوويا عسكريا و تحتل في مجاله الرقم 1 ، و المتميزة في سلاحي الجيش و البحرية و عسكرة الفضاء ، و الأولى على اقتصاد أسيا ، و المتفوقة اقتصاديا على اليابان ، و تقود توجه تعددية الأقطاب الذي يشمل شرق و جنوب العالم ، و علاقات مفتوحة مع الغرب ، و أخرى جيوبولوتيكية مع تجمعات ( الدول المستقلة ، و بريكس ، و شنغاهاي ، و روسكي – مير ) . و الصين الشعبية في المقابل تتربع على الرقم 1 اقتصاديا ،و قدراتها العسكرية ضخمة ، و تمتلك قدرات نووية عسكرية كبيرة ، و تكنولوجية أيضا. و لقد أقر ترامب مبكرا بأن روسيا تستطيع المحافظة على معظم الاراضي التي حررتها داخل أوكرانيا في الجانب الشرقي . و يطالب الرئيس الأوكراني فلاديمير زيلينسكي – رئيس دولة " كييف " و الجانب الغربي من أوكرانيا بتسليم أمريكا معادن نادرة ثمينة تصلح للصناعات التكنولوجية الأمريكية و يقدر ثمنها ب 500 مليار دولار تعويضا عن المبالغ الباهضة التي دفعتها أمريكا و دول الناتو أيضا ، و هو الأمر الذي وافق عليه زيلينسكي مقابل عدم تكرار روسيا هجومها من جديد على الاراضي الأوكرانية الأخرى ، و يطمح لمبادلة أراضي تسيطر عليها " كييف " في أطراف منطقة – كورسك - في الجنوب الروسي حيث يعيش كبار السن ، و تتوزع القرى الروسية النائية هناك ، و الخالية من العسكر ووسط أراضي سيطرت روسيا على معظمها بعد اندلاع عمليتها العسكرية الخاصة التحريرية الدفاعية 1922 و المستمرة حتى الساعة ، وهو الذي لن تقبل به روسيا بسبب أن أراضي كورسك روسية و كذلك الأراضي الأوكرانية السابقة التي حررتها روسيا عبر خمسة أقاليم مثل ( القرم ، و لوغانسك ، و دنيتسك ، " الدونباس " ، و زاباروجا ، و خيرسون ) . ومن بدأ الحرب ، و سجله التاريخ المعاصر ، هي العاصمة " كييف " و رئيسها زيلينسكي ، و بالتعاون لوجستيا مع بريطانيا – باريس جونسون ، و أمريكا – جو بايدن ، و هانتر بايدن عبر الثورات البرتقالية وانقلاب " كييف " عام 2014.

يعتقد زيلينسكي بأنه يستطيع أن يخرج من الحرب الأوكرانية منتصرا في زمن رفض فيه السلام مع روسيا عدة مرات ، عبر الحوار المباشر ، و عبر اتفاقية " مينسك " ، و من خلال حوار تركيا ، و قبلها ماطل الرئيس الأوكراني السابق- بيترو باراشينكا - بتنفيذ اتفاقية " مينسك " التي اشتركت فيها أوكرانيا ، و روسيا ، و بيلاروسيا ، و فرنسا ، و المانيا ، و بعد أن شجعه الغرب الأمريكي للمضي قدما تجاه حرب خاسرة مع دولة عظمى مثل روسيا لتحقيق أهداف ذات علاقة بديمومة الحرب الباردة و سباق التسلح . و لقد نبه ترامب زيلينسكي لمثل هكذا حرب سرابية مع دولة عظمى في الاونة الأخيرة .

لقد نسي زيلينسكي الواجب أن يكون قارئا للتاريخ المعاصر بأن الدولة المعتدية تخسر الحرب و لا ترد لها خسارتها ، ومثلي هنا اعتداء اليابان على الاتحاد السوفيتي نهاية الحرب العالمية الثانية عام 1945 ، و خسرانها جزر الكوريل الأربعة ( كوناشير ،إيتوروب ، هامبوماي ، شيكوتان ) إلى الأبد . واشترط الاتحاد السوفيتي بقيادة روسيا الاتحادية على الدول المستقلة عام 1991 الحياد وعدم الذهاب لعقد تحالفات معادية و مع حلف " الناتو" خاصة ، و أعلن عن اتفاقية تحدثت عن هذا الشأن ، و استخدمت روسيا مادة ميثاق الأمم المتحدة رقم ( 751 ) التي أجازت للدولة المعتدى على سيادتها مثل روسيا الدفاع عن نفسها ، وفي توجهها هذا تعبير عن تمسكها بالقانون الدولي ، و هي الأكثر تمسكا به كما نعرف .

تتوجه أمريكا – ترامب و عبر فريق مساعد للرئيس بقيادة ممثله الخاص – كيث كيلوغ - تجاه ميونيخ في المانيا بين 14 و 16 نوفمبر الجاري لبحث ملف الحرب الأوكرانية الواجب أن تنتهي ، وافراج روسيا عن السجين الأمريكي – مارك فوغل - تاريخ 11 نوفمبر الذي استقبله في مطار واشنطن الرئيس ترامب ، عبر عن رغبة موسكو في علاقة دافئة مع القيادة الأمريكية ، و بهدف الوصول لحل جذري للحرب الأوكرانية . وهي الخطوة الناجحة التي وصفها ترامب بأن بإمكانها فتح الطريق أمام حلحلة الأزمة الأوكرانية ووقف إراقة دماء الأبرياء .

للتأكيد هنا من جديد ، روسيا لم تبدأ الحرب الأوكرانية ،وهي قادرة على ايقافها ووضع حد لها خلال أيام معدودة ، ولقد قالها رئيس روسيا الاتحادية فلاديمير بوتين من سيارته الرئاسية في موسكو ، بأن حلف " الناتو " لو ضجر من الحرب لأنتهت بسرعة ، ومن البداية كان معروفا للرأي العام العالمي بأن الميزان العسكري بالنسبة للجانب الأوكراني الغربي مفقود بقوة مقابل جبروت قوة النار الروسية العسكرية و اعتقد حلف " الناتو " بداية و لفترة امتدت لثلاث سنوات بأن تدخله في الحرب الأوكرانية سيقلب موازين القوى لصالح " كييف " و لمصلحته وسط الحرب الباردة و سباق التسلح ، لكنه و " كييف " فشلا فشلا ذريعا و ثبت للمجتمع الدولي قصر نظرهم . و روسيا هي الجانب المنتصر الأكيد في الحرب الأوكرانية ، ولم تخسر حربا في عمق التاريخ المعاصر منذ حملة نابليون بونابارت 1798، و حرب أودلف هتلر 1941 ، وهي من تفرض شروط السلام و " كييف " الخاسرة بوضوح لا يحق لها ذلك ، و انقسام حاد بين " الناتو" و أمريكا ظهر مؤخرا بقدوم الرئيس ترامب عندما طالب بإستراداد حقوق بلاده المالية .

ومكالمة مفاجئة أجراها الرئيس ترامب مع الرئيس بوتين أمس الأربعاء 12 نوفمبر 2025 لترتيب أوراق العلاقات الروسية – الأمريكية بعد بعثرتها في عهد الرئيس السابق بايدن ، و لوضع حد نهائي للحرب الأوكرانية و إغلاق ملفها نهائيا ، و هو المطلوب ، و الذي انتظره العالم طويلا في الأعوام 2014 / 2022 / 2025 ،و أجابت شخصيا على تساؤلي عبر عنوان كتابي " الحرب الروسية – الأوكرانية ومع " الناتو " بالوكالة التي يراد لها أن لا تنتهي ، وهاهي على مشارف أن تنتهي فعلا 

مواضيع قد تهمك