محمود خطاطبة
ما يقوم به الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، من قرارات وإجراءات اقتصادية، تأثرت بها العديد من الدول العالمية أو ستتأثر آجلًا، شبيه تمامًا للحرب العسكرية التي شنها الزعيم الألماني النازي أدولف هتلر، على الكثير من الدول، عندما كان يُحارب على أكثر من جبهة في آن واحد، خلال الفترة ما بين عامي 1939 و1945، وبالتالي مُني بهزيمة نكراء.
فالقرارات
والإجراءات التي اتخذها الرئيس ترامب، مؤخرًا وما يزال مُسلسلها مُستمرًا، أكانت على
الصعيد الدولي أم الإقليمي، باتت تُشكل تهديدًا لأمن العديد من البلاد، وبالتالي
احتمالية تأثُر الأمن العالمي بها سلبًا، كبير جدًا، وقد تقود إلى "فوضى عارمة”..
وهذه القرارات والإجراءات من شأنها أن تتشعب نحو اتجاهين فقط لا غير، كلاهما من
وجهة نظري، يعودان بالنفع على الدول العربية في منطقة الشرق الأوسط بشكل عام،
والقضية الفلسطينية بشكل خاص.
ففي الاتجاه
الأولى، إذا أصر ترامب على قراره بشأن تهجير الفلسطينيين من قطاع غزة، والتي تُعد
ضربًا من الجنون، أو المُستحيلات، وغير قابلة للتنفيذ، فإن ذلك قد يكون سببًا
لاتحاد عربي، أو على الأقل تشكيل نواة لمجموعة دول عربية، باتت تشعر بالخطر
المُحدق من حولها.. اتحاد هدفه مواجهة "نكبة” جديدة، والوقوف ضدها بكُل ما أوتيت
من قوة وإمكانات، وبالتالي قد تستفيد الشعوب العربية من هذا الاتحاد في المُستقبل،
وفي أكثر من مجال.
على الرغم من
أن عملية "التهجير”، ليست بهذه السهولة والبساطة، فهُناك شعب فلسطيني مُشتبث
بأرضه، وفرعه ثابت بوطنه.. حتى أن علوج الكيان الصهيوني لا يحملون كلام الرئيس
الأميركي، على محمل الجد، مُعتبرين إياه "حلما بعيدا عن الواقع”، على الرغم من أن
مُعظمهم يُمنون النفس بمحو غزة عن الخريطة.
ثم إن القضية
الفلسطينية، قد تكتسب دعمًا غربيًا جديدًا، وأكثر زخمًا، خصوصًا أن الكثير من
الدول العالمية تُصرح بأعلى صوتها أنها ضد أي عملية "تهجير” للشعب الفلسطيني، لا
بل وتُنادي بضرورة إيجاد حل عادل لهذه القضية.
وفي الاتجاه
الثاني، إذا بقي الرئيس الأميركي مُتمسكًا بإجراءاته الاقتصادية، ضد العديد من
الدول العالمية، وعلى رأسها: كندا وكولومبيا والمكسيك والصين والدنمارك وبنما، فإن
ذلك سيكون سببًا لاتحاد هذه الدول، ومن لف لفها، وقد تصل إلى درجة شن حروب
اقتصادية ضد الولايات المُتحدة، وعلى أكثر من جهة.. ومعلوم بأن الحروب الاقتصادية
من شأنها تدمير دول، وتجويع شعوبها، وبالتالي السيطرة عليها وقراراتها، خصوصًا
المصيرية منها.
وقد يعود ذلك
أيضًا إيجابًا على المنطقة العربية، فمجرد التشبث بالإجراءات الاقتصادية المُتخذة
من قبل ترامب، قد يُشغل دولا كُبرى، تُمثل أهم اقتصاديات العالم، مع بعضها البعض،
وبالتالي الابتعاد أو غض الطرف عن منطقتنا والتفكير بها، أو على الأقل "تُكف خيرها
وشرها عنا”، ولو كان ذلك لفترة محدودة.
كما أن
استمرار ترامب في "عنجهيته وغطرسته وتكبره وتعاليه”، على الشعوب ودولها، قد يقود
إلى "عزل” أميركا، على أقل تقدير، كما كانت عليه قُبيل العام 1918، كما أنه ليس من
المُستبعد أن تكون هُناك مواجهات عسكرية، سيتضرر منها العالم أجمع، وعلى رأسه
الولايات المُتحدة الأميركية نفسها.
وقد يكون هُناك "فرملة” لقرارات ترامب، وما ينوي فعله على أرض الواقع، أكانت الـ”فرملة” قانونية، من خلال إجراءات تهدف إلى عزله، بحجة أنه لا يصلح لرئاسة الولايات المُتحدة الأميركية، أم غير ذلك عن طريق استخدم طُرق أُخرى.
الغد