شريط الأخبار

فرق صحفية للتدخل السريع

فرق صحفية للتدخل السريع
كرمالكم :  

خالد القضاة

لا تستغربوا، نعم، كثير من الدول لديها فرقٌ صحفية للتدخل السريع وقت الأزمات والتداعيات المفصلية التي تمر بها الدولة.

هذه الفرقة الصحفية الخاصة تتمتع بمهارات عالية الكفاءة، وتقوم بمهام معقدة ومتشابكة، وحضورها يلغي كل التكليفات، أيًّا كان مصدرها أو من يقوم بها وعليها. كما أنها تمتلك قدرة على التخفي بمسميات مختلفة، وتعمل بقوة الدفع الذاتي للمبادرة والتدخل دون مرجعيات معقدة.

المهام المناطة بها:

- مرافقة الملوك والرؤساء في الزيارات الخارجية الرسمية.

- الاشتباك مع الوفود الصحفية الأخرى وقياس تفاعلها واتجاهاتها حيال القضايا مدار البحث.

- رصد الصحفيين المعتمدين للتغطية وتتبع أسلوبهم في طرح الأسئلة وإدارة الحوار والسياسة التحريرية لمؤسساتهم الإعلامية.

- دراسة مكان عقد المؤتمرات الصحفية من حيث المساحة، والمداخل والمخارج، والتقنيات المتوفرة للبث المباشر والنقل المسجل، والخلفيات ورمزيتها السياسية والدينية.

- التدخل ومزاحمة الصحفيين الآخرين ومنافستهم في طرح الأسئلة ومحاولة الاستحواذ على جزء من مدة المؤتمر الصحفي وفقًا لعدد المتحدثين.

- التشويش على الصحفيين المعروفين بمواقفهم السلبية المسبقة أو بحبهم للاستعراض، وجعل فرصتهم في طرح الأسئلة أصعب أو دفعهم للاختصار دون إبداء وجهة نظرهم للتأثير على المتحدثين.

- القدرة على اختيار لحظات الصمت المناسبة لمقاطعة المتحدث بحجة طرح سؤال للتشويش والتشتيت، في حال أسهب في استهداف الدولة أو تعمد الإثارة وقلب الموازين.

- تمرير معلومات للصحفيين في محاولة لتوجيه الأسئلة أو منعها باتجاه معين، وبناء علاقات ودية معهم قد تكون مؤقتة أو طويلة الأجل.

- الاشتباك مع الصحفيين والمنظمين بلغتهم وثقافتهم، وبالمصطلحات المستخدمة بينهم، وما يتطلبه ذلك من إتقان للغات والثقافات المختلفة.

- دراسة وتحليل كتاب المقالات والصحفيين المتميزين والمؤثرين ومقدمي البرامج التلفزيونية، وبناء جسور التواصل معهم، وتزويدهم بذكاء بمعلومات إضافية وحصرية لضمان تميزهم في الطرح وانحيازهم الإيجابي.

- التنسيق السياسي مع الوفد المشارك، وتمرير المعلومات من خلال الاشتباك مع الصحفيين، والظهور على المؤسسات الإعلامية المختلفة بهدف حفظ مكانة الدولة وعدم ترك الساحة فارغة ومستباحة للوفود الأخرى، أو تمرير معلومات لا ترغب الدولة بتمريرها رسميًا بدون كُلف سياسية.

- التعرف على طبيعة الترجمة المعتمدة، وهل تتم بوجود أشخاص يتبع كلٌّ منهم للمتحدثين بشكل منفصل، أم أنها ترجمة فورية موحدة بواسطة سماعات؟ وهل هي متاحة للصحفيين؟ فالأسلوب الأول يمنح المتحدثين فرصة ووقتًا أكثر للتفكير في الإجابات بحجة استماعهم للترجمة.

- معرفة البروتوكول المعتمد أو المتفق عليه ومدى الالتزام به تاريخيًا من قبل المُستَضِيفين أو المتحدثين الآخرين، ودراسة سلوك المتحدثين.

- التوقع المحتمل لتطورات الحوار الصحفي، سواء من المتحدثين أو من الصحفيين، ووضع أسئلة أصيلة وأخرى بديلة تُطرح وفقًا لتشعب الحوار أو خروجه عن سياقه، وقد تكون تلك الأسئلة "ملغومة" بهدف وقف المؤتمر وقطع البث.

- رصد قدرة الصحفيين على الوصول إلى الضيف بعد المؤتمر لطرح سؤال مغلق تكون فيه الإجابة بـ "نعم" أو "لا".

- معرفة ما إذا كان يتطلب المشاركة في المؤتمرات التسجيل الإلكتروني المسبق عبر منصات المستضيف، ومتطلبات التسجيل والوثائق المطلوبة، وهل يمكن للصحفيين الدخول بمعداتهم وهواتفهم للمؤتمر؟ وهل يوجد تمييز بينهم أو أفضلية للمحليين؟

- معرفة آليات الرقابة المعتمدة على الإعلام، سواء كانت مدنية أو عسكرية، وهل ما يصل للإعلام مُجاز من جهات سيادية أم أنها تقديرات صحفية فردية؟ وهذا يمتد إلى الرصد ما بعد النشر.

- رصد الصحافة ووسائل الإعلام قبل المؤتمر أو اللقاء وقياس حياديتها أو توجهاتها في القضية مدار البحث، وهل تستخدم بالونات الاختبار لإرباك المشهد ووضع الضيف تحت ضغط الرأي العام.

 

- التعرف على طرق البث، هل تتم بشكل موحد أم بكاميرات متعددة؟ وعدد الكاميرات المستخدمة، ونطاقها، وزاوية التصوير، والإضاءة، وتقنيات الصوت، ومن يقوم باختيار السائلين من الصحفيين.

- دراسة النظم والتشريعات الإعلامية المعتمدة ونطاق حرية التعبير الذي تسمح به، وما هي الجهات المعنية بإنفاذ القانون في قضايا حرية التعبير.

- قياس قدرة السفارات على بناء شبكة إعلامية صديقة، قادرة على توفير بيئة داعمة للدولة بين الصحفيين وكتاب المقالات وملاك المؤسسات الإعلامية.

- وضع مدونة سلوك خاصة بقبول الهدايا للصحفيين المرافقين، يُحدد فيها قيمتها المادية والجهات المانحة لها، وضرورة خضوعها للتدقيق الأمني، وآليات الاعتذار عن قبول الهدايا، وخاصة الإلكترونية منها منعًا للاختراق، والمالية منها منعًا للابتزاز.

- التدقيق على حقائب السفر بحيث تدل محتوياتها على الشخصية الاعتبارية للصحفي دون أدنى شبهات باللبس أو المعدات، وحظر حمل أي أمانات للمقيمين في بلد المقصد، لأن تسليمها يثير الشبهات. وهذا يشمل الحقائب عند العودة أيضًا، بعدم شراء أشياء ومحاولة تمريرها عبر المطارات والحدود مستغلًا ميزات الوفد الرسمي، فتأخير الوفود الصحفية في المطارات وتدقيقها تعتبر مادة دسمة للصحافة. (أحدهم عاد بطقم طناجر بعد مشاركته الصحفية ضمن وفد رسمي على أعلى مستوى!).

- الاتفاق على ماهية المعلومات التي يمكن نشرها على شبكات التواصل الاجتماعي الخاصة بالصحفيين المرافقين، فأحيانًا تكون متاحة بالكامل، وأحيانًا مقيدة، وأحيانًا ممنوعة وفقًا للمصلحة العليا للدولة.

الخلاصة:

هذه بعض المبادئ التي تحكم مشاركة الصحفيين في الوفود الرسمية في المحافل الدولية، والتي تجسد قوتها الخفية والناعمة في إدارة الحوار والمصالح المتشابكة. وكل زيارة رسمية لها خصوصيتها، حيث يُطبَّق ما يناسبها من هذه المبادئ وفقًا للمهام المناطة بها.

وأي خلل في تطبيقها أو عدم كفاءة الصحفيين المشاركين في الوفود قد تكون له تداعيات خطيرة على ثوابت الدولة وموقفها من القضية مدار البحث. وقد لمسنا ذلك جليًا في اللقاء الصحفي الذي جرى في البيت الأبيض وانعكاسه على الأردن، كما رأينا تطبيق بعض هذه المهام في المؤتمر الصحفي الذي عقده رئيس الوزراء الهندي مع ترامب في البيت الأبيض.

وتخضع هذه العملية لتدريبات خاصة بالرصد والمتابعة، واختيار الصحفيين، وإعداد نماذج تختلف من دولة إلى أخرى، بل حتى داخل الدولة نفسها باختلاف مستوى التمثيل أو الموضوع مدار البحث.

أما التعامل مع الفرق الصحفية المرافقة للوفود الصحفية الزائرة للأردن، فيتم عبر رصد تلك المهام ومدى تطبيقها محليًا من خلال المقالات الترحيبية أو نشاط السفراء قبيل موعد الزيارة.

سلامة المهنة للصحفيين، ومساندة المؤسسات الإعلامية في إدارة الحوار العام حول القضايا الوطنية، مكوّن أساسي في الأمن الوطني، والعبث بها قد تكون له نتائج كارثية تمس ثوابت الدولة وثقة العامة بها.

مواضيع قد تهمك