شريط الأخبار

فيروز: الصوت الدافىء في زمن الإحباط العربي

فيروز: الصوت الدافىء في زمن الإحباط العربي
كرمالكم :  

م. سليم البطاينة

عندما اكتب عن فيروز أرى الموضوع يكتبني عوضاً ان أكتب.. ولا أعود اعرف كيف ابدأ، ولا أعود ارغب ان أنتهي.

صوتها هو هويتها، ولم يكن مجرد غناء، بل كان تربية وجدانية لجيل كامل، وشريكاً في الوجع القومي، ومواساة في عتمات الحرب، والغناء بالنسبة لها على أنه صلاة.

هي رسالة حب من كوكب آخر، فالحب الفيروزي لا يشبه حب آخر وعندما تغني للحب تؤجّج فينا مشاعره ،، وعندما تغني للوطن يمتلكنا الحنين اليه.

صوتها يطير بنا ويحلق في رومنسيات تجاوزت ماديات الازمنة الثقيلة … نادت على المجهول ! وجعلت من القصيدة بيتاً دافئاً ،، ومن اللحن جسراً الى الذاكرة ،، ومن المسرح محراباً.

فيروز هي الأغنية التي تنسى ان تكبر … غنّت لمآذنِنا وأجراسنا الضائعة ، وارواحنا المنكسرة ، وغنّت للقدس ( لأجلك يا مدينة القدس أصلّي ) : هذه الأغنية التي لم يسمعها أحد إلا وبكى ! وغنّت لبيسان ( خذوني الى بيسان .. الى الظلال التي تبكي ) ، ولمكّة ويافا .. وغنّت للاسكندرية وعمان ( عمان في القلب ) ، وأعطت لفلسطين اكثر ما أعطى ثوّارها.

سفيرة محترمة وحقيقية للوجدان العربي حين خانته السياسة ، وانقسمت عليه الجغرافيا ، فهي شريان للحياة ، لم تعكّره الصراعات العربية ! ولا الهزائم المتتالية.

غنّت من زهرة المدائن ،، إلى مرّيت في الشوارع … فـ ثقتها كانت كبيرة في حلم العودة الى فلسطين عندما قالت ؛
سنرجع يوما الى حيّنا … سنرجع مهما يمر الزمان … وتنأى المسافات … وسنعيد بهاء القدس … للقدس سلام آت … وسلامي لكم يا أهل الارض المحتلة ،، يا منزرعين بمنازلكم ،، قلبي معكم.

طالبت بأشهار السيف في وجه المعتدي ! وبقيت تغني وسط الفوضى ، ورفضت ان تُجر إلى خصومات سياسية أو دينية ،،، ورفضت ان تُغني لاي زعيم عربي مهما كانت مكانته.

سيدة راقية في إنسانيتها .. وأصالة لا تنمحي عبر الزمن ، صوتها ملائكي يتدفق ويتوغل ويلامس قلوبنا، وفنّها يحاكي تاريخنا ، زرعت الأغنية في قلوبنا ،،،،،، تظهر علينا في اول الفجر ،، ثم تختفي سريعا ! هرباً من ضجيج الثرثرة ! ورائحة النفاق والتطبيل المتصاعدة.

في صمتها وعُزلتها تركتنا للبرد … فـ نحن بحاجة إلى صوتها الدافىء يومياً ،، لانها تعبر عن حالات الإنسانية المتصارعة ! الممتلئة املاً في الغد القادم.

مواضيع قد تهمك