شريط الأخبار

نتنياهو والأردن وملف الأقصى

نتنياهو والأردن وملف الأقصى
كرمالكم :  
ماهر أبو طير
بالتأكيد سوف تشهد المرحلة المقبلة، توترا شديدا، في ملف المسجد الأقصى، توترا يختلف عن المراحل الماضية، التي شهدنا فيها الاقتحامات اليومية للمسجد، والتهديدات بهدمه علنا.
نتنياهو تسلم رسميا تكليفا بتشكيل الحكومة، يوم أمس، بعدما تصدر الانتخابات التشريعية الإسرائيلية التي أجريت في الأول من تشرين الثاني الحالي، مع حلفائه في اليمين المتطرف، وهو يمين ديني اكتسح الكنيست، وسوف يدعم تشكيل الحكومة التي ستكون الأكثر يمينية في تاريخ الاحتلال.
أنا ضد اولئك الذين يقولون إن مرحلة نتنياهو أخطر على المسجد الأقصى، مقارنة بغيره، لاننا شهدنا التصعيد الأسوأ، أصلاـ خلال فترة يائير لابيد رئيس حكومة إسرائيل، ونفتالي بينيت كذلك أيضا، حيث شهدت مرحلتهما تصعيدا سيئا جدا، ضد المسجد الأقصى، ولم نكن بحاجة إلى نتنياهو فقط حتى نرى ما رأيناه داخل القدس، والبلدة القديمة، والحرم القدسي.
برغم ذلك تعد مرحلة نتنياهو الحالية، تتويجا للمشروع الإسرائيلي، والصهيونية الدينية بما يجعلنا أمام تواقيت فاصلة، لا يصح مقارنتها أو مطابقتها بمراحل سابقة لنتنياهو ذاته.
المشروع الإسرائيلي متدرج، وكل فترة تتكشف ملامح جديدة لهذا المشروع، وحتى اولئك الذين يراهنون على اليسار الإسرائيلي، والتحالفات داخل الكنيست لاضعاف أي حكومة إسرائيلية في ملف المسجد الأقصى، سقط رهانهم تماما، فما بالنا اليوم، مع حقبة نتنياهو الجديدة التي ستثأر بقوة من مراحل سابقة، وسوف تصفي حسابات كثيرة، داخل إسرائيل وفي كل المنطقة العربية.
من حيث المبدأ لا أحد يريد إضعاف الروح المعنوية، لان الشعب الفلسطيني موجود على أرضه، وهو يدافع عن الأقصى، دائما، والميدان ليس مفتوحا كما تتمنى المؤسسات الإسرائيلية، بل الحسابات الإسرائيلية السياسية الداخلية، وتلك العسكرية والأمنية تتخوف دائما، من كلفة التصعيد أكثر داخل المسجد الأقصى، لكنها لا تتراجع عن الهدف النهائي، وتقوم بتجريع السم لنا، بشكل متدرج، والدليل على ذلك أن الاقتحامات التي كانت متقطعة للمسجد الأقصى، باتت يومية، واحيانا مرتين في يوم واحد، بما يؤشر على أننا لن نقف عند هذه الحدود ابدا.
الأردن يرعى المسجد الأقصى، ويوفر له الحماية، ومن ناحية سياسية يدير علاقته بواشنطن، ودول ثانية، في محاولة لوقف التهور الإسرائيلي بحق المسجد الأقصى، من زاوية الاتصالات السياسية، إضافة إلى ما تفرضه اتفاقية وادي عربة، لكن هذا الموقف الحساس، يتعرض اليوم إلى ضغوطات مختلفة ترتبط بعودة نتنياهو من جهة، واشتداد موجة الصهيونية الدينية، ورغبة نتنياهو بالبقاء إضافة إلى وضع الاقليم، والتحالفات فيه، وما قد يستجد في الولايات المتحدة.
دعونا نتحدث بصراحة هنا، لاننا أمام خط بياني يتغير بشكل واضح بشأن المسجد الأقصى، فموجات الاقتحام المتقطعة، باتت يومية، وهذا يعني أن هناك تقاسما زمنيا قد تم بالفعل، وقد يتوسع بشكل أو آخر من حيث مدته الزمنية، اما مخطط التقاسم المكاني، فهو مخطط قد لا يكون ممكنا تجنبه لفترة طويلة، مع السيناريوهات المطروحة، من هدم أحد المسجدين داخل الحرم القدسي، أو حتى مصادرة أرض داخل هذا الحرم لاقامة الهيكل عليه، خصوصا، ان سيطرة يمين اليمين الإسرائيلي، لها استحقاقات سياسية، ستظهر آجلا ام عاجلا، وكلنا يعرف أن كلفة ذلك كبيرة، لكن إسرائيل قد تتورط بدفعها من أجل حسم هوية القدس الدينية نهاية المطاف.
هذا يعني أن الأردن يتوجب أن يستعد لمخاطر عديدة على مستوى ملف الأقصى، خصوصا، تلك المباغتة منها، وليس المتوقعة، في سياق يؤشر على كراهية نتنياهو للأردن منذ التسعينيات، وحمله لاجندة معادية على مستويات مختلفة، لن يخفف منها محاولات كبح التهور الإسرائيلي بوسائل مختلفة، لاننا أمام مرحلة تتعلق باستحقاقات رئاسة نتنياهو التي ستكون هذه المرة مختلفة تماما.
في الحسابات الإسرائيلية هناك أمران يخففان الخطر على المسجد الأقصى، أولهما الحماية الشعبية داخل القدس للمسجد، وثانيهما الحماية الأردنية بما تعنيه على مستوى الإدارة والاتصالات الدولية، وغير ذلك، لكن لا أحد يعرف كيف ستتم بعثرة هذه الضمانات، أو محاولة اضعافها أو مسها بشكل أو آخر، بما يفرض اليوم أيضا، زيادة العلاقات الأردنية مع القوى المقدسية الفاعلة، في هذا التوقيت، تحوطا مما هو مقبل وآت، إضافة إلى الاتصالات الدولية هنا.
(الغد)

مواضيع قد تهمك