باسم سكجها
كنّا من دعاة كتابة كبار المسؤولين مذكّراتهم، وكتبنا غير مرّة عن هذا الأمر ومنذ وقت مبكّر، ولكنّ آذانهم كانت من طين وعجين!
وفُجأة، هلّت علينا تلك المذكرات تباعاً، وكأنّ ما كان سدّاً لمجرى مياه تحطّم، وبدونا وكأنّنا أمام تنافس في تسجيل النقاط الايجابية لكلّ منهم، ممّا أظهرهم وكأنّهم أنبياء، أو في القليل أولياء!.
لا يتحدّث أيّ منهم عن خطأ أو مجرّد هفوة في مسيرة حياتهم، بل ويُلقون المسؤولية على من كان قبلهم أو بعدهم، وتكرّر القول من غير واحد منهم إنّ الدنيا كانت قمراً وربيعاً في مسألة الحريات، مع أنّ التاريخ يُثبت العكس، ولنا معهم الكثير من التجارب الشخصية!.
لا سبيل لإقناع الناس بغير الحقيقة، وكما يقال فإنّ بلادنا الأردنية تكاد تشبه قرية صغيرة، يعرف أهلها بعضهم البعض، ومن الصعب أن نُصدّق أنّ فلاناً كان يضرب بيده فيصمّ أذناً، أو يفقأ عيناً، أو يغلق صحيفة، أو يشرّد صحافياً، صار بقدرة قادر نصير الحريات بأثر رجعي!.
كتابة المذكّرات، بالقلم أو بالمايكروفون والعدسة، ليست سوى مسؤولية تاريخية ينبغي على صاحبها أن يُقدّم خدمة للأولاد والأحفاد، على سبيل معرفة الحقيقة التي قد تُدين صاحبها، فأوّل مبدأ هو الجرأة بالاعتراف بالخطأ، ولا مجال لتعظيم الذات، فالبلاد أكبر من أهلها، ولو كان كلّ ما نقرأه ونسمعه صحيحاً فنحن نعيش الآن في جنّة الله على الأرض، وللحديث بقية!..