شريط الأخبار

الأرقام والواقع

الأرقام والواقع
كرمالكم :  

عبدالمنعم الزعبي

اعتاد الرأي العام في الأردن على انتقاد الفجوة بين الأرقام الرسمية والواقع المعيشي للأفراد.

وبعد أن تجاوزنا مرحلة التشكيك في الأرقام، أصبح الاعتراف بالإنجاز في مؤشرات الاقتصاد الكلي مصحوبا بانتقاد العجز الحكومي لتحويل هذه المؤشرات إلى نتائج تلامس جيوب المواطنين.

صحيح أن هناك تحديات اقتصادية ومعيشية كبيرة تواجه الأردنيين. وصحيح أن السياسات الحكومية لم تكن تحفيزية خلال ذروة الإصلاحات المالية العقد الماضي. لكن هذا لا يلغي وجود أمثلة متعددة لإجراءات حكومية لامست جيوب المواطنين بشكل إيجابي على امتداد الفترة السابقة.

بداية يمكن النظر إلى إحصائيات استهلاك قطاع النقل من الطاقة وأرقام الاستهلاك الكلي للمشتقات النفطية لإدراك حجم الوفر الذي حققه المستهلكين من السيارات الكهربائية.

حصة قطاع النقل من خليط الطاقة الكلي انحفضت من 48% إلى 41% خلال السنوات الماضية، نتيجة انخفاض استهلاك قطاع النقل من الطاقة بأكثر من 10% منذ العام 2019. وهذا مدفوع مباشرة بالانخفاض المتسارع لاستيراد البنزين خلال الأعوام الماضية وحتى بداية العام 2025.

السيارات الكهربائية التي وصلت معظم بيوت الأردنيين حصلت على إعفاء حكومي شبه كامل من الجمارك والضرائب منذ عام 2015. ويكفي أن نعرف أن دينارين من الشحن الكهربائي خارج المنزل قد توازي 20 دينار أو أكثر من البنزين لنفس فئة السيارة، لنعلم حجم الاستفادة التي حققها المستهلكون بدعم مباشر من الحكومة.

دون أن نغادر قطاع الطاقة، تظهر الإحصاءات الرسمية بأن ما يقارب 10% من كهرباء المملكة تولده الشركات والأفراد ذاتيا من خلال مشاريع طاقة متجددة خاصة "خارج شبكة نيبكو" بأسعار منافسة للغاية.

ونحن نتحدث هنا عن منازل ومزارع وفنادق ومدارس وفرت مجتمعة مئات ملايين الدنانير، كان يمكن للحكومة الاستفادة منها عوضا عن المستهلكين، وتسببت بخسائر مباشرة لشركة الكهرباء الوطنية.

وكما هو الحال بالنسبة لسيارات الكهرباء، لامست سياسات الحكومة هنا جيوب الشركات والمواطنين بملايين الدنانير خلال الأعوام الماضية.

سياسات الحكومة أيضا ضاعفت موازنة صندوق المعونة الوطنية ثلاثة أضعات منذ العام 2017 وصولا إلى 280 مليون دينار عام 2025، في دعم إضافي يصب مباشرة في جيوب الفئات الأشد حاجة.

التراجع التدريجي في أرقام البطالة منذ العام 2022 ليس منفصلا عن الواقع هو الآخر. ويكفي أن نعلم بأن التزايد في أعداد العاملين في الخارج عوض معظم الانخفاض الحاد في عدد السياح العام الماضي، لندرك بأن عشرات أو مئات آلاف فرص العمل استفاد منها الأردنيون في اقتصادات الجوار.

الصورة العامة صعبة ومعقدة، والتحديات كبيرة. لا أحد ينكر ذلك. ولكن القول بأن الأرقام الرسمية والإجراءات الحكومية لا تلامس الواقع فيه قدر "غير بسيط" من عدم الدقة.

مواضيع قد تهمك