شريط الأخبار

التهجير .. المحاولة والإصرار

التهجير .. المحاولة والإصرار
كرمالكم :  

محمد حسن التل

مشاريع تهجير الفلسطينيين من أرضهم والحديث عنها ليس بجديد ، ولن يتوقف ، فمنذ بداية القرن الماضي تحاول الصهيونية صاحبة مشروع إقامة إسرائيل العمل والدفع على كافة المقاطع الدولية لتهجير الفلسطينيين من بلادهم ، وربما نجحت بذلك في العامين ١٩٤٨ و١٩٦٧ لأسباب معروفة في تاريخ القضية ، لكن الواقع الآن تغير والوعي اختلف فلا يوجد الآن فلسطيني يقبل أن يغادر أرضه ولو دفع روحه في سبيل ذلك ، وما حدث على مدار أكثر من ستين عاما دليل على ذلك ، فقد ولدت أجيال لا تعرف إلا المقاومة من أجل تحرير الأرض ، وهي تقرأ وتسمع عن مأساة لجوء الأجداد خارج وطنهم فتولد لديهم إصرار عميق لا يفهمه أصحاب مشاريع التهجير وإفراغ الأرض من أصحابها لصالح من قدموا من كل أنحاء العالم الذين لا يربطهم بفلسطين سوى دعاية كاذبة تروج لها الصهيونية...

طرحت خلال العقود الماضية عشرات مشاريع التهجير وكلها فشلت أمام إصرار الفلسطينيين على التمسك بأرضهم ، ودفعوا دماء وأرواحا كثيرة على هذا الطريق ، حتى يأتي اليوم من يفكر بمواجهتهم وإخراجهم من بلادهم.

لقد مضى ما حدث في القرن الماضي إلى غير رجعة في عقل الأجيال الفلسطينية ، وهي اليوم صاحبة المشروع في طرد المحتل من أرضها واستعادة حقوقها، والفلسطيني اليوم على أرضه لا يبحث عن الأمان فقط بل هو حامل مشروع تحرير يدفع في سبيله كل ما يملك.

الذين يروجون لمشاريع التهجير لم يقرؤا الواقع على الأرض ولم يستوعبوا أن كل جيل يسلم الراية للجيل الذي يليه ويكون أكثر عنادا وصلابة على طريق مشروع التحرر والإستقلال.

فكرة إفراغ الأرض من أهلها غير موجودة إلا في عقول أصحابها، ولعل معادلة الديموغرافيا في فلسطين دليل على أن الفلسطيني مصر على البقاء على أرضه، والديموغرافيا هي أحد أسلحته في معركته ، وهذه المعادلة تشكل حالة قلق لدى الإسرائيليين ، فلم يجدوا أمامهم في مواجهة المد الديموغرافي الفلسطيني بعد القتل وارتكاب المجازر التي لم تفل أو تضعف من إرادة الفلسطينيين بالمواجهة إلا رفع شعار التهجير ، وهم يدركون جيداً أن هذا من المستحيل تحقيقه إلا إذا تمت إبادة الشعب بأكمله وهذا لن يحدث أبداً .

حجر الزاوية في إفشال مشاريع تفريغ الأرض من أصحابها هو الفلسطيني نفسه وهو نقطة الارتكاز الأساسية في المواجهة ، وكل الظروف والأحداث والنتائج تشير إلى أنه لا توجد قوة على الأرض تستطيع كسر إرادته وإصراره على البقاء ، وما يحدث على الأرض يؤكد هذا ، فالناس هناك باتت تقدم أرواحها من أجل الثبات على أرضها وأصبحت التضحية لديهم أمر اعتيادي فالأب يقدم أبناءه والأولاد يفقدون آباءهم والنساء ثكلى وأرامل كل صباح ، وترسخ عندهم مفهوم الاستشهاد على ترك الأرض ، فأي قوة أو إرادة تستطيع مواجهة هذا الإصرار المؤيد بوعد الله العظيم ثم سنة تاريخ الشعوب في معارك تحررها ومواجهة استئصالها.

أصحاب هذه المشاريع يدركون أن مشاريعهم لن يكتب لها الحياة ، لكنها المناورات السياسية التي لا تتوقف من أجل تحصيل أكبر مكاسب للإسرائيليين على الأرض.

الأردن البلد المستهدف دائماً بمشاريع التهجير ودائماً ما يكون في بؤرة محاولات حل القضية الفلسطينية على امتداد مئة عام ، لكنه صمد وثبت وواجه كل هذه المشاريع التي كانت تطرح عليه سواء بالترهيب أو التهديد أو الترغيب ، ورفضه منطلقاً أولاً من عقيدته ثم قوميته اتجاه القضية الفلسطينية ، وأنه لن يكون طرفاً في معادلة تفقد الفلسطينيين حقهم في أرضهم ، وأن الأردن وسيادته لا يمكن العبث بهما ، وأن المعادلة الأردنية ثابتة في النظرة إلى حل القضية ، فالأردن للأردنيين وفلسطين للفلسطينيين ، ولم يكن هذا الموقف شعار فقط فقد تجذر على الأرض دعماً مطلقاً للأشقاء الفلسطينيين في سبيل تثبيتهم على أرضهم وترسيخ حقهم في استقلالهم وتحررهم وإقامة دولتهم ، واستطاع عبر العقود المنصرمة أن يكون حارساً أميناً للمشروع الوطني الفلسطيني في كافة تفاصيله.

سيستمر الصراع ويتشعب وستزداد التضحيات دماء وأرواحا على أرض فلسطين حتى ينتصر الدم على السيف وتكون فلسطين فقط لأبنائها .

مواضيع قد تهمك